للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلَّال كلِّ مُشكِلٍ ... وحاتمٌ إذ يهَبُ

وإن جرَى في حكمٍ ... تخالُ فينا يخطبُ

وقد حَوى مَعالياً ... تنْحطُّ عنها الشُّهبُ

مِن سادةٍ أحْسابُهمْ ... تنْطِق عنها الكتُبُ

مولايَ أشكُو غربةً ... طالتْ وعزَّ المطلبُ

وتحت أذْيالِ الدجى ... حامِلةٌ لا تُنْجِبُ

إلَّا بأولاد الزِّنى ... هذا لَعَمْري العجبُ

إليْكَها خَرِيدةً ... مَنالُها يُستصعَبُ

جآذرُ الرومِ لها ... تسجدُ أو تنَسَّبُ

وَاسْلمْ وَدُم في رفعةٍ ... للسَّعد فيها كوكبُ

ما حرَّكتْ مُتيمَّاً ... وَرْقاءُ حين تندُبُ

فراجعه يقوله:

ما الكونُ إلا عجَبُ ... فمنه لا يُستعجَبُ

أعمارُنا تُنتهَبُ ... يوماُ فيوماُ تذهبُ

ونحن نلهُو أبداً ... في غَفْلةٍ ونلعبُ

أوَّاهُ من يومٍ يجِي ... ءُ شمسُه لا تغرُبُ

صائلةٌ فيه المَنَى ... يا صولةً لا تغلَبُ

تخْطو على أرْواحِنا ... فأين أين المهربُ

تَبّاً لدُنْيانا التي ... لم يصْفُ فيها المشربُ

كم سيِّدٍ غرَّتْ به ... وَاراه لحدٌ أحْدبُ

للدُّودِ فيه مَرْتَعٌ ... وللهَوامِّ ملعبُ

والويلُ يومَ العَرْضِ إن ... لم ينْجُ منه المُذنبُ

ومن لَظَى نارٍ بها ... أجسادُنا تْلتهبُ

لا عملٌ يُرْجَى ولا ... غوثٌ إليه ينسَبُ

إلا الكريمُ ربُّنا ... ومن به نحْتسبُ

ثم الشفيعُ مَن إلى ... جَنابِه ننتسبُ

محمدٌ خيرُ الورَى ... مقصِدُنا والمطلبُ

الحكْمُ لله فَلّا ... يكون ما لا يكتُبُ

والخيرُ فيما اخْتارَه ... حَتمْاً علينا يجبُ

نَسْأَلُه يَبْقَى لنا ... سيدُنا المهذَّبُ

أسعدُ من ساد الورَى ... به وسادَ العربُ

جوهرةُ العِقْد الذي ... جوهرُه المنتخَبُ

نجلُ الأُلَى تجَّملتْ ... بهم قديماً حلَبُ

حِلْماً وعِلماًُ وتُقًى ... وحسبٌ ونسَبُ

يخجل من أخْلاقِه ... زَهرٌ سقتْه السُّحبُ

ومن جميلِ صُنْعِه ... له المعالي تخطُبُ

طَلْقُ المُحيَّا فكلُّه ... مُبجَّل مُحجَّبُ

ولُطْفُ أنْفاس الصَّبا ... إلى عُلاه يُنسَبُ

ومن إلى المجدِ يُجا ... رِيه فلا يُصوِّبُ

زِيد بَناناً كفُّه ... إذْ ضاق عمَّا يهَبُ

فسَيْبُ صَوْبِ جُودِه ... يخجل منه الصَّيِّبُ

لم يحْلُ خِلٌّ غيرُه ... مُودَّدٌ محبَّبُ

قلت: لم أر من وصف الإصبع الزائدة هذا الوصف البديع، وبعضهم جعلها علامة الحرص، حيث قال:

انظُر إليه لشدَّةِ الحرصِ ... زِيد بَناناً فزاد في النَّقْصِ

ومن هنا تعلم سر قولهم:

كم من زيادةٍ فيها نُقْصان فائدهْ ... كاليد تنُقصها الإصبعُ الزَّائدهْ

وكان الأستاذ أبو بكر الطبري، يقول: الزيادة تؤدي إلى النقصان، والمثل فيها جارٍ على كل لسان.

ولذلك قيل: صبوة العفيف، وسطوة الحليم، وضربة الجبان، وجواب السكيت، ونادرة المجنون، وشجاعة الخصي، وظرف الأعرابي.

ومن شعر السيد أسعد، قوله في الشيب:

أبَعْد الأربعين خِضابُ شَيْبٍ ... أرُوم به مُواصلةَ الغوانِي

وأرجو أن أكونَ به فَتِيّاً ... فهذا من أكاذيب الأمانِي

فَوا أسفِي على زمنٍ تقضَّى ... سَماعِي فيه قَهْقهةُ القَنانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>