وهو كثيرٌ في العربية، يقولون: بعلة الزرع يشرب القرع، وبعلة الورد يشرب العليق.
وفي معناه: بعلة الورشان يأكل الرطب المشان.
المشان، بالفتح: بلد الحريري.
وبعلة الداية يقبل الصبي.
تكلَّف إخْفاءً لِما فيه من عرَجْ ... وليس له فيما تكلَّفَه فَرَجْ
ولأحمد بن محمد، أبي الفضل السكري المروزي مزدوجة، ترجم فيها أمثال الفرس.
منها:
مَن رام طَمْسَ الشمسِ جَهْلاً أخْطَا ... الشمسُ بالتَّطْيِين لا تُغطَّى
أحسنُ ما في صفةِ الليل وُجِدْ ... الليلُ حُبْلَى ليس يُدْرَى ما تلِدْ
من مثُلِ الفُرسِ ذوِي الأبْصارِ ... الثوبُ رَهْنٌ في يَدِ القصَّارِ
نال الحمارُ بالسُّقوطِ في الوحَلْ ... ما كان يهْوَى ونَجا من العملْ
نحن على الشرطِ القديمِ المُشْترَطْ ... لا الزِّقُّ مُنشَقٌّ ولا العينُ سقَطْ
في المثلِ السائرِ للحمارِ ... قد ينْعَق الحمارُ للبَيْطارِ
العَنْزُ لا يسمَنُ إلا بالعلَفْ ... لا يسمَن العنزُ بقولٍ ذِي طُرَفْ
البحرُ غَمْرُ الماءِ في العِيانِ ... والكلبُ يَرْوَى منه باللِّسانِ
لا تَكُ من نُصْحِيَ في ارْتيابِ ... ما بِعْتُك الهِرَّةَ في الجِرابِ
مَن لم يكنْ في بَيْتِه طعامُ ... فما له في مَحْفِل مُقامُ
كان يُقال مَن أتى خُوانَا ... من غير أن يُدْعَى إليه هَانَا
ومما يتعين إلحاقه هنا، ما ذكره أبو هلال، من أن في الفارسية أمثالاً في معنى أمثال العربية، وأمثالاً لا تخالفها.
فمن الثاني قولهم: " نه شاه أشنانه رودهم دوده "، والعرب تقول: جاور ملكاً أو بحراً. انتهى.
قال الشهاب: أقول، لا مخالفة بينهما، فإن معنى المثل الفارسي: لا تقرب من السلطان وتصاحبه، ولا تجعل دارك ملاصقةً للبحر؛ فإن الملوك لا وفاء لهم، والبحر قد يغرق ملاصقه.
ومعنى كلام العرب: لا تسكن غير بلدٍ لها سلطان يغدق على أهلها، أو عند بحرٍ تأتيه السفن بالتجارة والأرزاق.
وبينهما فرق.
ومعنى هم دوده الاتحاد في السكنى.
وقد تقدم في هذا الكتاب معربات نصيت عليها في محالها، وسيأتي منها جانبٌ في تراجم متفرقة أنص عليها إن شاء الله تعالى.
ومن أحاسنها قول الحسن البوريني، معرباً بيتاً لوحشي:
أيا قمر قد بِتُّ في ليلِ هجرِه ... أراقبُ أسْرابَ الكواكبِ حَيْرانَا
خَبأتُك في عينِي لتخفَى عن الورَى ... وما كنتُ أدرِي أن للعيْنِ إنْسانَا
وزاد فيه الخفاجي، فحسنه حيث قال:
خَبأتُك في العين خوفَ الوُشاةِ ... وكم شرَّف الدارَ سُكَّانُها
ومن غَيْرةٍ خِفْتُ أن يفطُنوا ... إذا قيل في العينِ إنْسانُها
ولمحمد بن المنلا الحبي رباعية:
في الليلِ والنهار حَرَّى كبدِي ... مقْتولُ ضَنىً بجائرٍ ليس يدِي
تَرشُّ عينِي جواهرَ الدَّمعِ على ... لُقْياه تظُنُّ أنها طَوْعُ يَدِي
ومثله للقاسمي:
لُقْياكَ سرورُ قلبيَ المَحْزُونِ ... والوحشةُ من نَواك لا تعْدونِي
يا وَيْحَ عيونِي خشِيَتْ شِقْوتها ... منِّي فأتتْ بدُرِّا ترتشينِي
ولبعضهم:
وكنتُ لدَى الصِّبا غَضّاً وقَدِّي ... حكى ألِفَ ابنِ مُقْلَة في ال كتابِ
فصرتُ الآن مُنْحنياً كأنّي ... أُفتِّش في التُّرابِ على شبابِي
ومن أبدع البدائع تعريبٌ وقع لجدي القاضي محب الدين، وهو:
حَكتْ قامتِي لاَماً وقامةُ مُنْيَتِي ... حكَتْ ألِفاً للوصلِ قلتُ مُسائِلاَ
إذا اجْتمعتْ لامِي مع الألفِ التي ... حكَتْك قَواماً ما يصيرُ فقال لاَ
وللشهاب الخفاجي:
للرَّوْضِ أتى حبيبُ قلبي العانِي ... فاهْتزَّ لفَرْحةٍ قضيبُ البانِ
لو كان لِسَرْوِ رَوضِنا ساقانِ ... ما فارق غُصْن قدِّه الفَتانِ
واستعمله ثانياً في نبوية، فأجاد حيث قال: