للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُعْرِضين عن غَرَض الدنيا وعَرَضها، مُعَرَّفين بشروطِ نَفْلها ومُفْتَرَضهِا.

إلى أنْ قَضَى اللهُ بافْتراقكم وحُقوقُكم المُتأكِّدة دَيْنٌ علينا، والأيامُ تمْطِل بقضائها عنا وتُوَجِّهُ المَلامَ إلينا.

فآوِنَةً أقِفُ فأقْرَعُ السِّنَّ على التقْصير ندَما، وآوِنةً أسْتَنيمُ إلى فضلِكم فأتقدَّم قُدُما.

وفي أثناء هذا لا يخطُر بالْبال حَقٌّ لكم سابِقٌ، إلا وقد كَرَّ عليه فيكم آخَرُ لاحِق.

حتى وقفتُ مَوْقِفَ العَجْز، وضاقت عليَّ العبارة عن حَقيقةِ مَقامِكم في النفس فكِدْتُ لا أتكلَّم إلا بالرَّمْز.

إجْلالاً لحقِّكم الرَّفيع، وإشْفاقاً من التَّقْصير المُضِيع.

إلى أن قال: وبالجملة ففُؤادي لمَجْدِكم صحيحٌ لا سقيم، واعْتدادِي بودِادِكم مُنْتَج غيرُ عَقِيم.

واللُه تعالى يجعلُ الحبَّ في ذاتكم الكريمة، ويقْضِي عن الأحِبَّة دينَ المَحبَّة فيُوَفِّي كلُّ غَرِيمٍ غَرِيمَه.

وصحبة هذا الكتاب قطعة أرجوزة هي قوله:

لِلّهِ دَرُّ العالِم الجَيَّانِي ... كأنما ينْظُر بالعَيانِ

لِلْمَقَّرِيِّ العالِم المِفْضالِ ... مُنَظِّراً بأحْسَنِ المِثالِ

وعالِمٌ بأنَّني من بَعْدِه ... أُشِيرُ في نِظامِنا لقَصْدِهِ

وها أنا بالِله أسْتعينُ ... مُضمِّناً ورَبُّنَا يُعِينُ

بالشَّطْرِ من ألْفيَّةِ ابنِ مالكِ ... أيَّدَنا اللهُ لنَسْجِ ذلكِ

قال محمدٌ عُبَيْدُ المالكِ ... وسالكُ الأحْسَنِ من مَسَالِكِ

نُشِيرُ بالتَّضْمِين للنِّحْرِيرِ ... الْمَقَّرِيِّ الفاضل الشهيرِ

ذاك الإمامُ ذُو العَلاءِ والهِمَم ... كعلَم الأشخاصِ لَفْظاً وهْوعَمّ

فلن ترَى في عِلْمِه مَثِيلاَ ... مُسْتَوْجِباً ثَنائِيَ الْجميلاَ

ومَدْحُه عندِيَ لازمٌ أتَى ... في النظمِ والنثرِ الصحيح مُثْبَتَا

أوْصافُ سيِّدي بهذا الرَّجَزِ ... تُقرِّبُ الأقْصَى بلَفْظٍ مُوجَزِ

فهْو الذي له المَعالِي تَعْتزِي ... وتبسُط البَذْلَ بوَعْدٍ مُنْجَزِ

رُتْبَتُهُ فوق العُلَى يا مَن فَهِمْ ... كلاَمُنا لفظٌ مفيدٌ كاسْتقِمْ

وكم أفَادَ دَهْرَه مِن تُحَفِ ... مُبْدِي تأوُّلٍ بلا تَكلفِ

لقد رقَى علَى المَقامِ الطَّاهِرِ ... كطاهرِ القلبِ جميلِ الظَّاهرِ

وفَضْلُه للطَّالبِين وُجِدَا ... على الذي في رَفْعِه قد عُهِدَا

قد حصَّل العلمَ وحَرَّرَ السِّيَرْ ... وما بإلاَّ أو بإنَّما انْحَصَرْ

في كلِّ فَنٍّ ماهرٍ صِفْهُ ولاَ ... يكونُ إلا غَايَةَ الذي تَلاَ

سِيرتُه جَرَتْ على نَهْجِ الهُدَى ... ولا يَلِي إلاَّ اخْتياراً أبَدَا

وعِلْمُه وفَضْلُه لا يُنْكَرُ ... مِمَّا به عنه مُبِيناً يُخْبِرُ

يقول مَرْحَباً لقاصدِيه مَنْ ... يصِلْ إليْنا يَسْتَعِنْ بنا يُعَنْ

صَّدِّقْ مَقالاتِي وكُنْ مُتَّبِعَا ... ولم يكُنْ تصْرِيفُه مُمْتنِعَا

وانْهَضْ إليه فهْو بالمُشاهَدَهْ ... الْخَبَرُ الجُزْءُ المُتِمُّ الفائِدَهْ

والْزَمْ جَنابَهُ وإيَّاك الْمَلَلْ ... إنْ يُسْتَطَلْ وَصْلٌ وإن لم يُسْتطَلْ

واقْصِدْ جنَابَهُ تَرَى مَآثرَهْ ... والُلهُ يقْضِي بهِباتٍ وَافِرَهْ

وانْسِبْ له فإنه ابنُ مُعْطِى ... ويَقْتضِي رِضاً بغير سُخطِ

واجْعَلْهُ نُصْبَ العَيْنِ والقلْبِ ولا ... تَعْدِلْ به فهْو يُضاهِي المَثَلاَ

قد طال ما أفادَ عِلْمَ مالكِ ... أحْمَدُ رَبِّى اللَه خيرَ مالكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>