للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدِيثًا سُمِّيَ مَشْهُورًا.

وَبِمُقْتَضَى مَا عَرَّفَا بِهِ الْعَزِيزَ أَيْضًا يَجْتَمِعَانِ فِيمَا إِذَا رَوَاهُ ثَلَاثَةٌ، وَيَخْتَصُّ الْعَزِيزُ بِاثْنَيْنِ، وَالْمَشْهُورُ بِأَكْثَرَ مِنَ الثَّلَاثَةِ. وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِمَا عَرَّفَهُ بِهِ شَيْخُنَا فَلَا يَجْتَمِعَانِ.

ثُمَّ إِنَّهُ لَا انْحِصَارَ لَهُمَا أَيْضًا فِي كَوْنِ الْمُنْفَرِدِ عَنْهُ مِمَّنْ يُجْمَعُ حَدِيثُهُ، بَلْ يَشْمَلُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا لَا يَكُونُ رَاوِيهِ كَذَلِكَ، وَكَذَا مَا يَنْفَرِدُ بِهِ الرَّاوِيَانِ فِي الْعَزِيزِ عَنْ رَاوِيَيْنِ، وَالرُّوَاةُ فِي الْمَشْهُورِ عَنْ ثَلَاثَةٍ أَوْ عَنِ اثْنَيْنِ، وَمَا تَكُونُ الشُّهْرَةُ فِي غَالِبِ طِبَاقِهِ، بِحَيْثُ يَحْسُنُ إِطْلَاقُهُمَا حِينَئِذٍ دُونَهَا فِي بَعْضِ طِبَاقِهِ، كَمَا قَدَّمْتُهُ فِي الْعَزِيزِ إِلَى غَيْرِهَا مِنَ الصُّوَرِ، فَاعْلَمْهُ.

وَسُمِّيَ مَشْهُورًا ; لِوُضُوحِ أَمْرِهِ، يُقَالُ: شَهَرْتُ الْأَمْرَ أَشْهَرُهُ شَهْرًا وَشُهْرَةً فَاشْتَهَرَ.

وَهُوَ الْمُسْتَفِيضُ عَلَى رَأْيِ جَمَاعَةٍ مِنْ أَئِمَّةِ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ وَبَعْضِ الْمُحَدِّثِينَ.

سُمِّيَ بِذَلِكَ لِانْتِشَارِهِ وَشِيَاعِهِ فِي النَّاسِ، مِنْ فَاضَ الْمَاءُ يَفِيضُ فَيْضًا وَفَيْضُوضَةً ; إِذَا كَثُرَ حَتَّى سَالَ عَلَى ضَفَّةِ الْوَادِي.

قَالَ شَيْخُنَا: وَمِنْهُمْ مَنْ غَايَرَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُسْتَفِيضَ يَكُونُ فِي ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ، يَعْنِي وَفِيمَا بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ، وَالْمَشْهُورُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، بِحَيْثُ يَشْمَلُ مَا كَانَ أَوَّلُهُ مَنْقُولًا عَنِ الْوَاحِدِ ; كَحَدِيثِ الْأَعْمَالِ، وَإِنِ انْتُقِدَ ابْنُ الصَّلَاحِ فِي التَّمْثِيلِ بِهِ، وَلَا انْتِقَادَ بِالنَّظَرِ لِمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي تَعْرِيفِهِ ; إِذِ الشُّهْرَةُ فِيهِ نِسْبِيَّةٌ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَبِي إِسْمَاعِيلَ الْهَرَوِيِّ الْمُلَقَّبِ شَيْخَ الْإِسْلَامِ أَنَّهُ كَتَبَهُ عَنْ سَبْعِمِائَةِ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَاعْتَنَى الْحَافِظُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ مَنْدَهْ بِجَمْعِهِمْ وَتَرْتِيبِهِمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>