بِحَيْثُ جَمَعَ نَحْوَ النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ غَايَرَ عَلَى كَيْفِيَّةٍ أُخْرَى، يَعْنِي بِأَنَّ الْمُسْتَفِيضَ مَا تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ دُونَ اعْتِبَارِ عَدَدٍ.
وَلِذَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ الصَّيْرَفِيُّ وَالْقَفَّالُ: إِنَّهُ هُوَ وَالْمُتَوَاتِرُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ. وَنَحْوُهُ قَوْلُ شَيْخِنَا فِي الْمُسْتَفِيضِ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَبَاحِثِ هَذَا الْفَنِّ. يَعْنِي كَمَا فِي الْمُتَوَاتِرِ عَلَى مَا سَيَأْتِي، بِخِلَافِ الْمَشْهُورِ ; فَإِنَّهُ قَدِ اعْتُبِرَ فِيهِ هَذَا الْعَدَدُ الْمَخْصُوصُ، سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا أَمْ لَا.
(وَ) لَكِنْ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِشُمُولِهِ الصَّحِيحَ وَغَيْرَهُ، بَلْ (كُلٌّ) مِنَ الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ الْمَشْرُوحَةِ، (قَدْ رَأَوْا) ; أَيْ: أَهْلُ الْحَدِيثِ، (مِنْهُ الصَّحِيحَ) ; يَعْنِي الْمُحْتَّجَ بِهِ الشَّامِلَ الْحَسَنَ، (وَالضَّعِيفَ) . وَلَا يُنَافِي وَاحِدٌ مِنْهَا وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحِ ابْنُ الصَّلَاحِ بِذَلِكَ فِي الْعَزِيزِ، وَلَكِنَّ الضَّعْفَ فِي الْغَرِيبِ أَكْثَرُ ; وَلِذَا كَرِهَ جَمْعٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ تَتَبُّعَ الْغَرَائِبِ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لَا تَكْتُبُوهَا ; فَإِنَّهَا مَنَاكِيرُ، وَعَامَّتُهَا عَنِ الضُّعَفَاءِ.
وَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: ( «تَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ» ) ، فَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ مُرْسَلٌ. فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ ابْنَ أَبِي شَيْبَةَ زَعَمَ أَنَّهُ غَرِيبٌ. فَقَالَ أَحْمَدُ: صَدَقَ، إِذَا كَانَ خَطَأً فَهُوَ غَرِيبٌ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ طَلَبَهَا كَذَبَ. وَقَالَ مَالِكٌ: شَرُّ الْعِلْمِ الْغَرِيبُ، وَخَيْرُهُ الظَّاهِرُ الَّذِي قَدْ رَوَاهُ النَّاسُ.
وَعَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ: كُنَّا نَرَى أَنَّ الْغَرِيبَ خَيْرٌ، فَإِذَا هُوَ شَرٌّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute