للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَبَلَغَ بِهِمْ نَحْوَ الْخَمْسِينَ. وَوَصَفَهُ ابْنُ حَزْمٍ بِالتَّوَاتُرِ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَكْثَرُهَا عَنِ الصَّحَابَةِ وُرُودًا ; وَلِذَا لَمَّا حَكَى ابْنُ الصَّلَاحِ كَوْنَهُ يُرْوَى عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سِتِّينَ قَالَ: وَقَدْ بَلَغَ بِهِمْ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا الْعَدَدِ. قَالَ: ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عَدَدُ رُوَاتِهِ فِي ازْدِيَادٍ، وَهَلُمَّ جَرًّا عَلَى التَّوَالِي وَالِاسْتِمْرَارِ.

قُلْتُ: قَدِ ارْتَقَتْ عِدَّتُهُمْ لَأَكْثَرَ مِنْ ثَمَانِينَ نَفْسًا فِيمَا قَالَهُ أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ مَنْدَهْ أَيْضًا، وَخَرَّجَهَا بَعْضُ النَّيْسَابُورِيِّينَ بِزِيَادَةٍ قَلِيلَةٍ عَلَى ذَلِكَ. وَبَلَغَ بِهِمِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ كَمَا فِي النُّسْخَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ مِنَ الْمَوْضُوعَاتِ، وَهِيَ بِخَطِّ وَلَدِهِ عَلِيٍّ نَقْلًا عَنْ خَطِّ أَبِيهِ، ثَمَانِيَةً وَتِسْعِينَ. وَأَمَّا أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ فَقَالَ: إِنَّهُمْ نَحْوُ الْمِائَةِ. بَلْ (وَنَيَّفُوا) ; أَيْ: زَادُوا، (عَنْ مِائَةٍ) مِنَ الصَّحَابَةِ بِاثْنَيْنِ (مَنْ كَذَبَا) ، وَذَلِكَ بِالنَّظَرِ لِمَجْمُوعِ مَا عِنْدَهُمْ، وَإِنْ كَانَ النَّاظِمُ عَزَا الْعِدَّةَ الْمَذْكُورَةَ لِمُصَنَّفِ الْحَافِظِ أَبِي الْحَجَّاجِ يُوسُفَ بْنِ خَلِيلٍ الدِّمَشْقِيِّ، وَهُوَ فِي جُزْأَيْنِ ; فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ شَيْخِنَا خِلَافُهُ ; حَيْثُ قَالَ: إِنَّ الْحَافِظَيْنِ ; يُوسُفَ بْنَ خَلِيلٍ، وَأَبَا عَلِيٍّ الْبَكْرِيَّ - وَهُمَا مُتَعَاصِرَانِ - وَقَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي تَصْنِيفِهِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْآخَرِ، بِحَيْثُ تُكُمِّلَتِ الْمِائَةُ مِنْ مَجْمُوعِ مَا عِنْدَهُمْ.

وَأَعْلَى مِنْ هَذَا كُلِّهِ قَوْلُ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُقَدِّمَةِ مُسْلِمٍ: إِنَّهُ جَاءَ عَنْ مِائَتَيْنِ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَزَلْ فِي ازْدِيَادٍ. وَاسْتَبْعَدَ الْمُصَنِّفُ ذَلِكَ، وَوَجَّهَهُ غَيْرُهُ بِأَنَّهَا فِي مُطْلَقِ الْكَذِبِ ; كَحَدِيثِ: ( «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَذَّابِينَ» ) وَنَحْوِهِ. وَلَكِنْ لَعَلَّهُ - كَمَا قَالَ شَيْخُنَا - سَبْقُ قَلَمٍ مِنْ مِائَةٍ، وَفِيهَا الْمَقْبُولُ وَالْمَرْدُودُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>