الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَالَ لَهُ: (خَبَّأْتُ لَكَ خَبِيئًا) . قَالَ ابْنُ صَائِدٍ: هُوَ الدُّخُّ. (كَذَاكَ) ; أَيْ: كَوْنُهُ الدُّخَانَ، ثَبَتَ (عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ) فِي جَامِعِهِ وَقَالَ: إِنَّهُ صَحِيحٌ. وَكَذَا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، كِلَاهُمَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْهُ أَيْضًا. وَاتَّفَقَ الثَّلَاثَةُ عَلَى قَوْلِهِمْ: وَخَبَّأَ لَهُ، يَعْنِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: ١٠] .
بَلْ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ أَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ: فَأَرَادَ ابْنُ صَيَّادٍ أَنْ يَقُولَ: الدُّخَانُ. فَلَمْ يَسْتَطِعْ، فَقَالَ: الدُّخُّ الدُّخُّ. وَذَلِكَ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ عَلَى عَادَةِ الْكُهَّانِ فِي اخْتِطَافِ بَعْضِ الشَّيْءِ مِنَ الشَّيَاطِينِ مِنْ غَيْرِ وُقُوفٍ عَلَى تَمَامِ الْبَيَانِ ; وَلِهَذَا قَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ) ; أَيْ: فَلَا مَزِيدَ لَكَ عَلَى قَدْرِ إِدْرَاكِ الْكُهَّانِ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عِنْدَ الْبَزَّارِ أَيْضًا، وَالطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ قَالَ: (كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَّأَ لَهُ سُورَةَ الدُّخَانِ) :. وَكَأَنَّهُ أَطْلَقَ السُّورَةَ وَأَرَادَ بَعْضَهَا.
وَحَكَى أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ أَنَّ السِّرَّ فِي امْتِحَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَذِهِ الْآيَةِ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَقْتُلُ الدَّجَّالَ بِحَبْلِ الدُّخَانِ، كَمَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، فَأَرَادَ التَّعْرِيضَ لِابْنِ صَائِدٍ بِذَلِكَ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute