للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدَّجَّالُ. عَلَى أَنَّ الْخَطَّابِيَّ اسْتَبْعَدَ تَفْسِيرَ الدُّخِّ بِالدُّخَانِ، وَصَوَّبَ أَنَّهُ خَبَّأَ لَهُ الدُّخَّ، وَهُوَ نَبْتٌ يَكُونُ مِنَ الْبَسَاتِينِ. وَسَبَبُ اسْتِبْعَادِهِ أَنَّ الدُّخَانَ لَا يُحَطُّ فِي الْيَدِ وَلَا الْكُمِّ، ثُمَّ قَالَ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ خَبَّأَ لَهُ اسْمَ الدُّخَانِ فِي ضَمِيرِهِ.

(وَالْحَاكِمُ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ (فَسَّرَهُ) أَيْضًا فِي عُلُومِهِ (الْجِمَاعَ) ; أَيْ: بِالْجِمَاعِ، (وَهْوَ) كَمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْأَئِمَّةُ (وَاهِمُ) فِي ذَلِكَ، حَتَّى قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إِنَّهُ تَخْلِيطٌ فَاحِشٌ يَغِيظُ الْعَالِمَ وَالْمُؤْمِنَ. وَلَفْظُ الْحَاكِمِ: سَأَلْتُ الْأُدَبَاءَ عَنْ تَفْسِيرِ الدُّخِّ، فَقَالَ: كَذَا يَدُخُّهَا وَيَزُخُّهَا - يَعْنِي بِالزَّاءِ بَدَلَ الدَّالِ - بِمَعْنًى وَاحِدٍ، الدُّخُّ وَالزَّخُّ. قَالَ: وَالْمَعْنَى الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ صَائِدٍ - خَذَلَهُ اللَّهُ فِيهِ - مَفْهُومٌ، ثُمَّ أَنْشَدَ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: طُوبَى لِمَنْ كَانَتْ لَهُ مَزَخَّهْ يَزُخُّهَا ثُمَّ يَنَامُ الْفَخَّهْ فَالْمَزَخَّةُ بِالْفَتْحِ: هِيَ الْمَرْأَةُ، قَالَهُ الْجَوْهَرِيُّ. وَمَعْنَى يَزُخُّهَا: يُجَامِعُهَا. وَالْفَخَّةُ: أَنْ يَنَامَ فَيَنْفُخَ فِي نَوْمِهِ. وَيُؤَيِّدُ وَهْمَ الْحَاكِمِ رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ الْمَاضِيَةُ ; لِمَا فِيهِ مِنْ قَوْلِهِ: فَأَرَادَ ابْنُ صَائِدٍ أَنْ يَقُولَ: الدُّخَانُ. فَلَمْ يَسْتَطِعْ.

بَلْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إِنَّهُ لَمْ يَرَ فِي كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ أَنَّ الدُّخَّ بِالدَّالِ هُوَ الْجِمَاعُ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بِالزَّاءِ فَقَطْ. وَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنَ الْحَاكِمِ وَالْخَطَّابِيِّ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ أَئِمَّةِ الْفَنِّ صَدَرَ مِنْهُ خِلَافُ الرِّوَايَةِ فِي مَعْنَى هَذَا اللَّفْظِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>