كَحَدِيثِ جَابِرٍ: «دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْطُبُ، فَقَالَ: (صَلَّيْتَ قَبْلَ أَنْ تَجْلِسَ؟) » الْحَدِيثَ. رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ: (قَبْلَ أَنْ تَجِيءَ؟) ، وَهُوَ غَلَطٌ مِنَ النَّاسِخِ، نَبَّهَ عَلَيْهِ الْمِزِّيُّ. وَكَمَا رَوَى يَحْيَى بْنُ سَلَامٍ الْمُفَسِّرُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} [الأعراف: ١٤٥] ، قَالَ: مِصْرَ. فَقَدِ اسْتَعْظَمَ هَذَا أَبُو زُرْعَةَ الرَّازِيُّ وَاسْتَقْبَحَهُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ فِي تَفْسِيرِ سَعِيدٍ الْمَذْكُورِ بِلَفْظِ: مَصِيرَهُمْ.
وَالثَّانِي: كَحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ فِي خُطْبَةِ الْعِيدِ: ( «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَخْرُجُ يَوْمَ الْعِيدِ فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ يُسَلِّمُ فَيَقِفُ عَلَى رِجْلَيْهِ، فَيَسْتَقْبِلُ النَّاسَ وَهُمْ جُلُوسٌ» ) الْحَدِيثَ.
رَوَاهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: عَلَى رَاحِلَتِهِ بَدَلَ رِجْلَيْهِ. وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ، فَلَا رَيْبَ فِي ( «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَخْرُجُ إِلَى الْعِيدِ مَاشِيًا وَالْعَنَزَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَإِنَّمَا خَطَبَ عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ بِمِنًى» ) .
وَالثَّالِثُ: (كَقَوْلِهِ) فِي حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ: (احْتَجَمَ) النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمَسْجِدِ ; حَيْثُ جَعَلَهُ ابْنُ لَهِيعَةَ فِيمَا ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي التَّمْيِيزِ لَهُ (مَكَانَ احْتَجَرَا) بِالْمِيمِ بَدَلَ الرَّاءِ ; لِكَوْنِهِ أَخَذَهُ مِنْ كِتَابٍ بِغَيْرِ سَمَاعٍ، وَأَخْطَأَ فَبَقِيَّتُهُ: (بِخُصٍّ أَوْ حَصِيرِ حُجْرَةً يُصَلِّي فِيهَا) . وَقَدْ جَعَلَ ابْنُ الْجَزَرِيِّ هَذَا مِثَالًا لِتَصْحِيفِ السَّمْعِ فِي الْمَتْنِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ. (وَ) كَذَا (وَاصِلٌ) أَبْدَلَ اسْمَهُ (بِعَاصِمٍ) . بَلْ (وَ) أَبْدَلَا (الْأَحْدَبُ) لَقَبُهُ أَيْضًا (بِأَحْوَلٍ) بِالصَّرْفِ لِلضَّرُورَةِ، لَقَبِ عَاصِمٍ، وَذَلِكَ فِي حَدِيثِ شُعْبَةَ عَنْ وَاصِلٍ الْأَحْدَبِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: (أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ؟) .
وَكَذَا خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ ; حَيْثُ أَبْدَلَهُ شُعْبَةُ بِمَالِكِ بْنِ عُرْفُطَةَ. كُلٌّ مِنْهُمَا (تَصْحِيفَ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ مُقَدَّمٌ (سَمْعٍ) ;
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute