يَعْنِي فِي الْإِسْنَادِ، (لَقَّبُوا) . فَمِنِ الْمُلَقِّبِينَ بِذَلِكَ لِلْمِثَالِ الْأَوَّلِ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَلِلثَّانِي أَحْمَدُ، وَلَيْسَ تَلْقِيبُهُمْ بِذَلِكَ بِأَوْلَى مِنْ تَلْقِيبِ احْتَجَمَ بِهِ، بَلْ ذَاكَ أَوْلَى ; لِمُشَارَكَتِهِمَا مَعَ الْوَزْنِ فِي الْحُرُوفِ إِلَّا وَاحِدًا، بِخِلَافِهِ فِيهِمَا، فَلَيْسَ إِلَّا الْوَزْنُ ; إِذْ أَكْثَرُ الْحُرُوفِ مُخْتَلِفَةٌ.
ثُمَّ إِنَّ جُلَّ التَّصْحِيفِ كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي اللَّفْظِ، (وَ) قَدْ (صَحَّفَ الْمَعْنَى) فَقَطْ بَعْضُ شُيُوخِ الْخَطَّابِيِّ فِي الْحَدِيثِ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ، وَإِنَّهُ لَمَّا رَوَى حَدِيثَ النَّهْيِ عَنِ التَّحْلِيقِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ قَالَ: مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً مَا حَلَقْتُ رَأْسِي قَبْلَ الصَّلَاةِ. فُهِمَ مِنْهُ حَلْقُ الرُّءُوسِ، وَإِنَّمَا هُوَ تَحْلِيقُ النَّاسِ حِلَقًا. وَبَعْضُهُمْ حَيْثُ سَمِعَ خَطِيبًا يَرْوِي حَدِيثَ: (لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٌ) ، فَبَكَى وَقَالَ: (مَا الَّذِي أَصْنَعُ، وَلَيْسَتْ لِي حِرْفَةٌ سِوَى بَيْعِ الْقَتِّ) ; يَعْنِي الَّذِي يَعْلِفُ الدَّوَابَّ.
وَأَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الزَّمَنُ (إِمَامُ عَنَزَهْ) حَيْثُ (
ظَنَّ الْقَبِيلَ بِحَدِيثِ الْعَنَزَهْ
) الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي إِلَيْهَا، فَقَالَ يَوْمًا: (نَحْنُ قَوْمٌ لَنَا شَرَفٌ، نَحْنُ مِنْ عَنَزَةَ، قَدْ صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَيْنَا) ، ذَكَرَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ.
(وَبَعْضُهُمْ) ، وَهُوَ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ أَعْرَابِيٌّ صَحَّفَ لَفْظَهُ وَمَعْنَاهُ مَعًا، (ظَنَّ سُكُونَ نُونِهِ) أَيْ: لَفْظِ الْعَنَزَةِ، وَرَوَاهُ مَعَ هَذَا الظَّنِّ بِالْمَعْنَى (فَقَالَ: شَاةٌ) ، فَأَخْطَأَ وَ (خَابَ فِي ظُنُونِهِ) مِنْ وَجْهَيْنِ ; إِذِ الصَّوَابُ عَنَزَةٌ بِفَتْحِ النُّونِ ; وَهِيَ الْحَرْبَةُ تُنْصَبُ بَيْنَ يَدَيْهِ. وَلِذَلِكَ حِكَايَةٌ حَكَاهَا الْحَاكِمُ عَنِ الْفَقِيهِ أَبِي مَنْصُورٍ قَالَ: كُنْتُ بِعَدَنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute