للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْأَرْضِ فَرَآهُ، فِي الصَّحَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يَلْقَهُ ; لِحُصُولِ الرُّؤْيَةِ مِنْ جَانِبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وَيَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفِ مَنْ رَآهُ مُؤْمِنًا بِهِ ثُمَّ ارْتَدَّ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَمْ يَعُدْ إِلَى الْإِسْلَامِ ; فَإِنَّهُ لَيْسَ بِصَحَابِيٍّ اتِّفَاقًا ; كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَحْشٍ وَمِقْيَسِ بْنِ صُبَابَةَ وَابْنِ خَطَلٍ، وَحِينَئِذٍ فَيُزَادُ فِيهِ: وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ. عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمُ انْتَزَعَ مِنْ قَوْلِ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ مَنْ مَاتَ مُرْتَدًّا، تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ كَافِرًا ; لِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْخَاتِمَةِ، صِحَّةَ إِخْرَاجِهِ ; فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: لَمْ يَرَهُ مُؤْمِنًا. لَكِنَّ فِي هَذَا الِانْتِزَاعِ نَظَرٌ، وَإِنْ تَضَمَّنَ مُخَالَفَةَ شَيْخِنَا الْمَحَلِّيِّ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّقْيِيدِ بِمَوْتِهِ مُؤْمِنًا مُوَافَقَةَ الِانْتِزَاعِ ; لِأَنَّهُ حِينَ رُؤْيَاهُ كَانَ مُؤْمِنًا فِي الظَّاهِرِ، وَعَلَيْهِ مَدَارُ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فَيُسَمَّى صَحَابِيًّا، وَحِينَئِذٍ فَلَا بُدَّ مِنَ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ. وَمَا وَقَعَ لِأَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ ذِكْرِهِ حَدِيثَ رَبِيعَةَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيِّ، وَهُوَ مِمَّنْ أَسْلَمَ فِي الْفَتْحِ وَشَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَجَّةَ الْوَدَاعِ، وَحَدَّثَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ لَحِقَهُ الْخِذْلَانُ فَلَحِقَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بِالرُّومِ وَتَنَصَّرَ بِسَبَبِ شَيْءٍ أَغْضَبَهُ، يُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ بِعَدَمِ الْوُقُوفِ عَلَى قِصَّةِ ارْتِدَادِهِ. وَقَدْ قَالَ شَيْخُنَا مَا نَصُّهُ: وَإِخْرَاجُ حَدِيثٍ مِثْلِ هَذَا - يَعْنِي مُطْلَقًا - فِي الْمَسَانِيدِ وَغَيْرِهَا مُشْكِلٌ، وَلَعَلَّ مَنْ أَخْرَجَهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى قِصَّةِ ارْتِدَادِهِ، فَلَوِ ارْتَدَّ ثُمَّ عَادَ إِلَى الْإِسْلَامِ لَكِنْ لَمْ يَرَهُ ثَانِيًا بَعْدَ عَوْدِهِ. فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مَعْدُودٌ فِي الصَّحَابَةِ ; لِإِطْبَاقِ الْمُحَدِّثِينَ عَلَى عَدِّ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ وَنَحْوِهِ ; كَقُرَّةَ بْنِ هُبَيْرَةَ، مِمَّنْ وَقَعَ لَهُ ذَلِكَ فِيهِمْ، وَإِخْرَاجِ أَحَادِيثِهِمْ فِي الْمَسَانِيدِ وَغَيْرِهَا، وَزَوَّجَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ أُخْتَهُ لِلْأَشْعَثِ. وَقِيلَ: لَا ; إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ الصُّحْبَةَ وَفَضْلَهَا، فَالرِّدَّةُ تُحْبِطُ الْعَمَلَ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ ; كَأَبِي حَنِيفَةَ. بَلْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي (الْأُمِّ) ، وَإِنْ حَكَى الرَّافِعِيُّ عَنْهُ تَقْيِيدَهُ بِاتِّصَالِهَا بِالْمَوْتِ. وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ كَوْنَهُ حِينَ الرُّؤْيَةِ بَالِغًا

<<  <  ج: ص:  >  >>