للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُوَّةِ. وَلَكِنْ قَدْ أَشَارَ إِلَى الْخِلَافِ الْكِيَا الطَّبَرِيُّ حَيْثُ قَالَ: إِنَّ عَلَيْهِ كَافَّةَ أَصْحَابِنَا. وَكَذَا قَالَ الْقَاضِي: هُوَ قَوْلُ السَّلَفِ وَجُمْهُورِ الْخَلَفِ. وَحَكَى الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ قَوْلًا أَنَّهُمْ كَغَيْرِهِمْ فِي لُزُومِ الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَتِهِمْ مُطْلَقًا، وَهُوَ قَضِيَّةُ كَلَامِ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ الْقَطَّانِ، قَوْلٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ ; فَإِنَّهُ قَالَ: فَوَحْشِيٌّ قَتَلَ حَمْزَةَ وَلَهُ صُحْبَةٌ، وَالْوَلِيدُ شَرِبَ الْخَمْرَ. قُلْنَا: مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ خِلَافُ الْعَدَالَةِ لَا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ الصُّحْبَةِ، وَالْوَلِيدُ لَيْسَ بِصَحَابِيٍّ، إِنَّمَا أَصْحَابُهُ الَّذِينَ كَانُوا عَلَى طَرِيقَتِهِ. وَهَذَا عَجِيبٌ، فَالْكُلُّ أَصْحَابُهُ بِاتِّفَاقٍ، وَقَتْلُ وَحْشِيٍّ لِحَمْزَةٍ كَانَ قَبْلَ إِسْلَامِهِ، وَأَمَّا الْوَلِيدُ وَغَيْرُهُ مِمَّنْ ذُكِرَ بِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ فَقَدْ كَفَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ لَعْنِ بَعْضِهِمْ بِقَوْلِهِ: ( «لَا تَلْعَنْهُ ; فَوَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ إِلَّا أَنَّهُ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» ) . كَمَا كَفَّ عُمَرَ عَنْ حَاطِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَائِلًا لَهُ: ( «إِنَّهُ شَهِدَ بَدْرًا، وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ; فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» ) . لَا سِيَّمَا وَهُمْ مُخْلِصُونَ فِي التَّوْبَةِ فِيمَا لَعَلَّهُ صَدَرَ مِنْهُمْ، وَالْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ. بَلْ قِيلَ فِي الْوَلِيدِ بِخُصُوصِهِ: إِنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْكُوفَةِ تَعَصَّبُوا عَلَيْهِ فَشَهِدُوا عَلَيْهِ بِغَيْرِ الْحَقِّ.

وَبِالْجُمْلَةِ، فَتَرْكُ الْخَوْضِ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ مُتَعَيِّنٌ، وَقَدْ أَسْلَفْتُ فِي أَوَاخِرِ آدَابِ الْمُحَدِّثِ شَيْئًا مِمَّا يُرَغِّبُ فِي الْحَثِّ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ. وَقَوْلًا آخَرَ: إِنَّهُمْ عُدُولٌ إِلَى وَقْتِ وُقُوعِ الْفِتَنِ، فَأَمَّا بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>