مَنْ بِاتِّفَاقِ جَمِيعِ الْخَلْقِ أَفْضَلُ مِنْ ... خَيْرِ الصِّحَابِ أَبِي بَكْرٍ وَمِنْ عُمَرْ
وَمِنْ عَلِيٍّ وَمِنْ عُثْمَانَ وَهْوَ فَتًى ... مِنْ أُمَّةِ الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارِ مِنْ مُضَرْ
(ثُمَّ) يَلِي أَبَا بَكْرٍ (عُمَرُ) بْنُ الْخَطَّابِ بِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ أَيْضًا. وَمِمَّنْ حَكَى إِجْمَاعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ، فَقَالَ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ وَلَا الْخَلَفِ، قَالَ: وَلَا مُبَالَاةَ بِأَقْوَالِ أَهْلِ التَّشَيُّعِ وَلَا أَهْلِ الْبِدَعِ.
وَأَسْنَدَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الِاعْتِقَادِ لَهُ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ أَيْضًا قَالَ: مَا اخْتَلَفَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي
تَفْضِيلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَتَقْدِيمِهِمَا عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ.
وَكَذَا جَاءَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ أَدْرَكْتُ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَفَضْلِهِمَا.
وَقَالَ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللَّهُ كَمَا سَيَأْتِي: أَوَفِي ذَلِكَ شَكٌّ؟ ! (وَبَعْدَهُ) ; أَيْ: بَعْدَ عُمَرَ، إِمَّا (عُثْمَانُ) بْنُ عَفَّانَ، (وَهْوَ الْأَكْثَرُ) ; أَيْ: قَوْلُ الْأَكْثَرِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، كَمَا حَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَنَّ تَرْتِيبَهُمْ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ كَتَرْتِيبِهِمْ فِي الْخِلَافَةِ. (أَوْ فَعَلِيٌّ) هُوَ ابْنُ أَبِي طَالِبٍ (قَبْلَهُ) ; أَيْ: قَبْلَ عُثْمَانَ وَبَعْدَ عُمَرَ، (خُلْفٌ) ; أَيْ: خِلَافٌ (حُكِي) . وَإِلَى الْقَوْلِ بِتَقْدِيمِ عَلِيٍّ ذَهَبَ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَجَمْعٌ، كَمَا قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَطَائِفَةٌ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ، كَمَا نَقَلَهُ شَيْخُنَا.
وَرَوَى الْخَطَّابِيُّ عَنِ الثَّوْرِيِّ حِكَايَتَهُ عَنْ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَأَنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ عَلَى الْأَوَّلِ، فَقِيلَ لِلثَّوْرِيِّ: فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: أَنَا رَجُلٌ كُوفِيٌّ. ثُمَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: لَكِنْ قَدْ ثَبَتَ عَنِ الثَّوْرِيِّ فِي آخِرِ قَوْلَيْهِ تَقْدِيمُ عُثْمَانَ. زَادَ غَيْرُهُ: وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ صَاحِبِهِ وَكِيعٍ. قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَهُوَ - أَيْ: هَذَا الْمَذْهَبُ - ضَعِيفٌ مَرْدُودٌ وَإِنْ نَصَرَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْخَطَّابِيُّ. وَقَدْ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: مَنْ قَدَّمَ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ فَقَدْ أَزْرَى بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ. وَسَبَقَهُ إِلَيْهِ الثَّوْرِيُّ كَمَا حَكَيْتُهُ فِي الثَّامِنَةِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute