للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِحْصَائِهِمْ.

وَصَدَقَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَأَكْرَمَ مَثْوَاهُ ; فَإِنَّ عُمَرَ لَمَّا جَعَلَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ انْحَصَرَ فِي عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، فَاجْتَهَدَ فِيهِمَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِلَيَالِيهَا، حَتَّى سَأَلَ النِّسَاءَ فِي خُدُورِهِنَّ وَالصِّبْيَانَ فِي الْمَكَاتِبِ، فَلَمْ يَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ أَحَدًا، فَقَدَّمَهُ عَلَى عَلِيٍّ، وَوَلَّاهُ الْأَمْرَ قَبْلَهُ. «وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: (كُنَّا فِي زَمَانِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا نَعْدِلُ بِأَبِي بَكْرٍ أَحَدًا، ثُمَّ عُمَرَ ثُمَّ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَتْرُكُ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا نُفَاضِلُ بَيْنَهُمْ) » .

وَفِي لَفْظٍ لِلتِّرْمِذِيِّ، وَقَالَ: إِنَّهُ صَحِيحٌ غَرِيبٌ: « (كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ) » .

وَفِي آخَرَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ أَصْرَحُ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ اطِّلَاعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: « (كُنَّا نَقُولُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيٌّ: أَفْضَلُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَيَسْمَعُ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُنْكِرُهُ) » .

قَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الشُّيُوخَ وَذَوِي الْأَسْنَانِ مِنْهُمْ، الَّذِينَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِذَا حَرَّكَهُ أَمْرٌ شَاوَرَهُمْ فِيهِ، وَكَانَ عَلِيٌّ فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدَثَ السِّنِّ. وَلَمْ يُرِدِ ابْنُ عُمَرَ الْإِزْرَاءَ بِعَلِيٍّ وَلَا تَأَخُّرَهُ وَدَفْعَهُ عَنِ الْفَضِيلَةِ بَعْدَ عُثْمَانَ، فَفَضْلُهُ مَشْهُورٌ لَا يُنْكِرُهُ ابْنُ عُمَرَ وَلَا غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي تَقْدِيمِ عُثْمَانَ عَلَيْهِ. انْتَهَى.

وَإِلَى الْقَوْلِ بِتَفْضِيلِ عُثْمَانَ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، كَمَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي اعْتِقَادِهِ عَنْهُمَا، وَحَكَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَكَافَّةِ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ كَمَا قَالَ الْقَاضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>