وَهَذَا - أَعْنِي الضَّبْطَ - هُوَ ثَالِثُ الشُّرُوطِ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْجُمْهُورُ ; حَيْثُ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّدُوقِ وَالثِّقَةِ وَالضَّابِطِ، وَجَعَلُوا لِكُلِّ صِفَةٍ مِنْهَا مَرْتَبَةً دُونَ الَّتِي بَعْدَهَا، وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ، وَقَالَ: إِنَّهُ احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا فِي سَنَدِهِ رَاوٍ مُغَفَّلٌ، كَثِيرُ الْخَطَأِ فِي رِوَايَتِهِ، وَإِنْ عُرِفَ بِالصِّدْقِ وَالْعَدَالَةِ.
وَيَتَأَيَّدُ بِتَفْصِيلِ شُرُوطِ الْعَدَالَةِ عَنْ شُرُوطِ الضَّبْطِ فِي مَعْرِفَةِ مَنْ تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ، وَلِذَلِكَ تَعَقَّبَ الْمُصَنِّفُ الْخَطَّابِيَّ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى الْعَدَالَةِ، وَانْتَصَرَ شَيْخُنَا لِلْخَطَّابِيِّ ; حَيْثُ كَادَ أَنْ يَجْعَلَ الضَّبْطَ مِنْ أَوْصَافِهَا، لَكِنْ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إِنَّ تَفْسِيرَ الثِّقَةِ بِمَنْ فِيهِ وَصْفٌ زَائِدٌ عَلَى الْعَدَالَةِ وَهُوَ الضَّبْطُ إِنَّمَا هُوَ اصْطِلَاحٌ لِبَعْضِهِمْ.
وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَاشْتِرَاطُهُ فِي الصَّحِيحِ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالْمُرَادُ التَّامُّ كَمَا فُهِمَ مِنَ الْإِطْلَاقِ الْمَحْمُولِ عَلَى الْكَامِلِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدْخُلُ الْحَسَنُ لِذَاتِهِ الْمُشْتَرَطُ فِيهِ مُسَمَّى الضَّبْطِ خَاصَّةً هُنَا، لَكِنْ يَخْرُجُ إِذَا اعْتَضَدَ وَصَارَ صَحِيحًا لِغَيْرِهِ. وَكَأَنَّهُ اكْتَفَى بِذِكْرِهِ بَعْدُ، وَإِنْ تَضَمَّنَ كَوْنَ الْحَدِّ غَيْرَ جَامِعٍ.
ثُمَّ إِنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ نَاقِلًا لَهُ (عَنْ مِثْلِهِ) يَعْنِي: وَهَكَذَا إِلَى مُنْتَهَاهُ ; سَوَاءٌ انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوْ إِلَى الصَّحَابِيِّ، أَوْ إِلَى مَنْ دُونَهُ حَتَّى يَشْمَلَ الْمَوْقُوفَ وَنَحْوَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute