للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالُوا: فَاكْتَفَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِظَاهِرِ الْإِسْلَامِ فِي الْقَبُولِ، إِلَّا أَنْ يُعْلَمَ مِنْهُ خِلَافُ الْعَدَالَةِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْوَاسِطَةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ، لَمَا أَرْسَلَ عَنْهُ التَّابِعِيُّ، وَالْأَصْلُ قَبُولُ خَبَرِهِ حَتَّى يَثْبُتَ عَنْهُ مَا يَقْتَضِي الرَّدَّ.

وَكَذَا أَلْزَمَ بَعْضُهُمُ الْمَانِعِينَ بِأَنَّ مُقْتَضَى الْحُكْمِ لِتَعَالِيقِ الْبُخَارِيِّ الْمَجْزُومَةِ بِالصِّحَّةِ إِلَى مَنْ عَلَّقَ عَنْهُ - أَنَّ مَنْ يَجْزِمُ مِنْ أَئِمَّةِ التَّابِعِينَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِحَدِيثٍ يَسْتَلْزِمُ صِحَّتَهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى، لَا سِيَّمَا وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْمُرْسِلَ لَوْ لَمْ يَحْتَجَّ بِالْمَحْذُوفِ، لَمَا حَذَفَهُ، فَكَأَنَّهُ عَدَّلَهُ.

وَيُمْكِنُ إِلْزَامُهُمْ أَيْضًا بِأَنَّ مُقْتَضَى تَصْحِيحِهِمْ فِي قَوْلِ التَّابِعِيِّ: " مِنَ السُّنَّةِ " وَقْفُهُ عَلَى الصَّحَابِيِّ - حَمْلُ قَوْلِ التَّابِعِيِّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، عَلَى أَنَّ الْمُحَدِّثَ لَهُ بِذَلِكَ صَحَابِيٌّ ; تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِهِ، فِي حُجَجٍ يَطُولُ إِيرَادُهَا، لِاسْتِلْزَامِهِ التَّعَرُّضَ لِلرَّدِّ، مَعَ كَوْنِ جَامِعِ التَّحْصِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلْعَلَائِيِّ مُتَكَفِّلًا بِذَلِكَ كُلِّهِ، وَكَذَا صَنَّفَ فِيهَا ابْنُ عَبْدِ الْهَادِي جُزْءًا.

(وَرَدَّهَ) أَيِ: الِاحْتِجَاجَ بِالْمُرْسَلِ (جَمَاهِرُ) بِحَذْفِ الْيَاءِ تَخْفِيفًا جَمْعُ جُمْهُورٍ ; أَيْ: مُعْظَمُ (النُّقَّادِ) مِنَ الْمُحَدِّثِينَ ; كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ [وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ] ، وَحَكَمُوا بِضَعْفِهِ (لِلْجَهْلِ بِالسَّاقِطِ فِي الْإِسْنَادِ) ; فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ تَابِعِيًّا لِعَدَمِ تَقَيُّدِهِمْ بِالرِّوَايَةِ عَنِ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا ; لِعَدَمِ تَقَيُّدِهِمْ بِالثِّقَاتِ، وَعَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ ثِقَةً يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَوَى عَنْ تَابِعِيٍّ أَيْضًا يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا، وَهَلُمَّ جَرًّا إِلَى سِتَّةٍ أَوْ سَبْعَةٍ، فَهُوَ أَكْثَرُ مَا وُجِدَ مِنْ رِوَايَةِ بَعْضِ التَّابِعِينَ عَنْ بَعْضٍ، وَاجْتِمَاعُ سِتَّةٍ فِي حَدِيثٍ يَتَعَلَّقُ بِسُورَةِ الْإِخْلَاصِ.

(وَصَاحِبُ التَّمْهِيدِ) وَهُوَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ (عَنْهُمْ) يَعْنِي الْمُحَدِّثِينَ (نَقَلَهْ) ، بَلْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى طَلَبِ عَدَالَةِ الْمُخْبِرِ (وَمُسْلِمٌ) وَهُوَ ابْنُ الْحَجَّاجِ (صَدْرَ الْكِتَابِ) الشَّهِيرِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي الصَّحِيحِ (أَصَّلَهْ) أَيْ: رَدَّ الِاحْتِجَاجَ بِهِ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي أَثْنَاءِ كَلَامٍ ذَكَرَهُ فِي مُقَدِّمَةِ الصَّحِيحِ عَلَى وَجْهِ الْإِيرَادِ عَلَى لِسَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>