للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَصْمِهِ: وَالْمُرْسَلُ مِنَ الرِّوَايَاتِ فِي أَصْلِ قَوْلِنَا، وَقَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ - لَيْسَ بِحُجَّةٍ. وَأَقَرَّهُ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي كِتَابِهِ.

[وَكَذَا أَحْمَدُ فِي الْعِلَلِ] حَيْثُ يُعِلُّ الطَّرِيقَ الْمُسْنَدَةَ بِالطَّرِيقِ الْمُرْسَلِةِ، وَلَوْ كَانَ الْمُرْسَلُ عِنْدَهُ حُجَّةً لَازِمَةً، لَمَا أَعَلَّ بِهِ، وَيَكْفِينَا نَقْلُ صَاحِبِهِ أَبِي دَاوُدَ أَنَّهُ تَبِعَ فِيهِ الشَّافِعِيَّ، كَمَا تَقَدَّمَ.

وَكَذَا حُكِيَ عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ غَرِيبٌ، فَالْمَشْهُورُ عَنْهُ الْأَوَّلُ، وَمِمَّنْ حَكَى الثَّانِي عَنْ مَالِكٍ الْحَاكِمُ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: الْمُرْسَلُ لَا يُحْتَجُّ بِهِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ جُمْهُورِ الْمُحَدِّثِينَ، وَجَمَاعَةٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ، وَجَمَاهِيرِ أَصْحَابِ الْأُصُولِ وَالنَّظَرِ.

قَالَ: وَحَكَاهُ الْحَاكِمُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَمَالِكٍ وَجَمَاعَةِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفُقَهَاءِ. انْتَهَى.

وَبِسَعِيدٍ يُرَدُّ عَلَى ابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَابْنِ الْحَاجِبِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ادِّعَاؤُهُمَا إِجْمَاعَ التَّابِعِينَ عَلَى قَبُولِهِ ; إِذْ هُوَ مِنْ كِبَارِهِمْ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ مِنْ بَيْنِهِمْ بِذَلِكَ، بَلْ قَالَ بِهِ مِنْهُمُ ابْنُ سِيرِينَ وَالزُّهْرِيُّ.

وَغَايَتُهُ أَنَّهُمْ غَيْرُ مُتَّفِقِينَ عَلَى مَذْهَبٍ وَاحِدٍ، كَاخْتِلَافِ مَنْ بَعْدَهُمْ، ثُمَّ إِنَّ مَا أَشْعَرَ بِهِ كَلَامُ أَبِي دَاوُدَ فِي كَوْنِ الشَّافِعِيِّ أَوَّلَ مَنْ تَرَكَ الِاحْتِجَاجَ بِهِ - لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ، بَلْ هُوَ قَوْلُ ابْنِ مَهْدِيٍّ، وَيَحْيَى الْقَطَّانِ، وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِمَّنْ قَبْلَ الشَّافِعِيِّ، وَيُمْكِنُ أَنَّ اخْتِصَاصَ الشَّافِعِيِّ لِمَزِيدِ التَّحْقِيقِ فِيهِ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَشْهُورُ عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ خَاصَّةً الْقَوْلُ بِعَدَمِ صِحَّتِهِ، بَلْ هُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الشَّافِعِيَّةِ، وَاخْتِيَارُ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي، وَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ، وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْمَالِكِيَّةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>