للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَبَقَهُ لِذَلِكَ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ كَمَا حَكَاهُ الْخَطِيبُ عَنْهُ، وَهُوَ مَعَ قَوْلِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: " إِنَّهُ إِذَا وَقَعَ فِيمَنْ لَمْ يَلْقَهُ أَقْبَحُ وَأَسْمَجُ " - يَقْتَضِي أَنَّ الْإِرْسَالَ أَشَدُّ، بِخِلَافِ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ، فَهُوَ مُشْعِرٌ بِأَنَّهُ أَخَفُّ، فَكَأَنَّهُ هُنَا عَنَى الْخَفِيَّ لِمَا فِيهِ مِنْ إِيهَامِ اللُّقِيِّ وَالسَّمَاعِ مَعًا، وَهُنَاكَ عَنَى الْجَلِيَّ لِعَدَمِ الِالْتِبَاسِ فِيهِ.

لَا سِيَّمَا وَقَدْ ذَكَرَ أَيْضًا أَنَّ الْإِرْسَالَ قَدْ يَبْعَثُ عَلَيْهِ أُمُورٌ لَا تُضِيرُهُ، كَأَنْ يَكُونَ سَمِعَ الْخَبَرَ مِنْ جَمَاعَةٍ عَنِ الْمُرْسَلِ عَنْهُ ; بِحَيْثُ صَحَّ عِنْدَهُ وَوَقَرَ فِي نَفْسِهِ، أَوْ نَسِيَ شَيْخَهُ فِيهِ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ عَنِ الْمُرْسَلِ عَنْهُ، أَوْ كَأَنْ أَخَذَهُ لَهُ مُذَاكَرَةً، فَيَنْتَقِلُ الْإِسْنَادُ لِذَلِكَ دُونَ الْإِرْسَالِ، أَوْ لِمَعْرِفَةِ الْمُتَخَاطِبِينَ بِذَلِكَ الْحَدِيثِ وَاشْتِهَارِهِ بَيْنَهُمْ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي الْجَلِيِّ.

إِذَا عُلِمَ هَذَا، فَقَدْ أَدْرَجَ الْخَطِيبُ ثُمَّ النَّوَوِيُّ فِي هَذَا الْقِسْمِ تَدْلِيسَ التَّسْوِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي، وَوَصَفَ غَيْرُ وَاحِدٍ بِالتَّدْلِيسِ مَنْ رَوَى عَمَّنْ رَآهُ وَلَمْ يُجَالِسْهُ، بِالصِّيغَةِ الْمُوهِمَةِ، بَلْ وُصِفَ بِهِ مَنْ صَرَّحَ بِالْإِخْبَارِ فِي الْإِجَازَةِ كَأَبِي نُعَيْمٍ، أَوْ بِالتَّحْدِيثِ فِي الْوِجَادَةِ كَإِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ الْجَزَرِيِّ، وَكَذَا فِيمَا لَمْ يَسْمَعْهُ كَفِطْرِ بْنِ خَلِيفَةَ أَحَدِ مَنْ رَوَى لَهُ الْبُخَارِيُّ مَقْرُونًا.

وَلِذَا قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ: قُلْتُ لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَطَّانِ: يُعْتَمَدُ عَلَى قَوْلِ فِطْرٍ ثَنَا، وَيَكُونُ مَوْصُولًا؟ فَقَالَ: لَا، فَقُلْتُ: أَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ سَجِيَّةً؟ قَالَ: نَعَمْ.

وَكَذَا قَالَ الْفَلَّاسُ: إِنَّ الْقَطَّانَ

<<  <  ج: ص:  >  >>