للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ التَّدْلِيسُ نَادِرًا كَمَا حَكَيْتُهُ قَرِيبًا ; لِأَنَّ التَّدْلِيسَ لَيْسَ كَذِبًا، وَإِنَّمَا هُوَ تَحْسِينٌ لِظَاهِرِ الْإِسْنَادِ، كَمَا قَالَ الْبَزَّارُ، وَضَرْبٌ مِنَ الْإِيهَامِ بِلَفْظٍ مُحْتَمِلٍ، فَإِذَا صَرَّحَ قَبِلُوهُ وَاحْتَجُّوا بِهِ، وَرَدُّوا مَا أَتَى مِنْهُ بِاللَّفْظِ الْمُحْتَمِلِ، وَجَعَلُوا حُكْمَهُ حُكْمَ الْمُرْسَلِ وَنَحْوِهِ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ خَامِسُ الْأَقْوَالِ فِيهِمْ.

(وَصُحِّحَا) بِبِنَائِهِ لِلْمَفْعُولِ، أَيْ هَذَا الْقَوْلُ، وَمِمَّنْ صَحَّحَهُ الْخَطِيبُ وَابْنُ الصَّلَاحِ، فَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ فَتْحُ أَوَّلِهِ أَيْ: صَحَّحَ ابْنُ الصَّلَاحِ هَذَا الْقَوْلَ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِحِكَايَتِهِ عَنِ الْأَكْثَرِينَ.

وَمِمَّنْ حَكَاهُ الْعَلَائِيُّ، بَلْ نَفَى ابْنُ الْقَطَّانِ الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَعِبَارَتُهُ: " إِذَا صَرَّحَ الْمُدَلِّسُ الثِّقَةُ بِالسَّمَاعِ قُبِلَ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ عَنْعَنَ فَفِيهِ الْخِلَافُ ".

وَقَرِيبٌ مِنْهُ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ: " الْمُدَلِّسُ لَا يُقْبَلُ حَدِيثُهُ حَتَّى يَقُولَ: ثَنَا أَوْ سَمِعْتُ، فَهَذَا مَا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا ".

وَكَأَنَّهُ سَلَفَ النَّوَوِيَّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي حِكَايَتِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ الْمُدَلِّسَ لَا يُحْتَجُّ بِخَبَرِهِ إِذَا عَنْعَنَ، وَلَكِنَّهُ مُتَعَقَّبٌ بِمَا تَقَدَّمَ، إِلَّا إِنْ قُيِّدَ بِمَنْ لَا يَحْتَجُّ بِالْمُرْسَلِ، وَكَذَا يُتَعَقَّبُ نَفْيُ ابْنِ الْقَطَّانِ الْخِلَافَ فِيمَا إِذَا صَرَّحَ بِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ وَافَقَ عَلَى حِكَايَةِ الْخِلَافِ فِي الْمُعَنْعَنِ.

وَ (فِي) كُتُبِ (الصَّحِيحِ) لِكُلٍّ مِنَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَغَيْرِهِمَا (عِدَّةٌ) مِنَ الرُّوَاةِ الْمُدَلِّسِينَ مُخَرَّجٌ لِحَدِيثِهِمْ مِمَّا صَرَّحُوا فِيهِ بِالتَّحْدِيثِ (كَالْأَعْمَشِ) مَعَ قَوْلِ مُهَنَّأٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>