: سَأَلْتُ أَحْمَدَ: لِمَ كَرِهْتَ مَرَاسِيلَهُ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ كَانَ لَا يُبَالِي عَمَّنْ حَدَّثَ (وَكَهُشَيْمٍ) - مُصَغَّرًا ابْنِ بَشِيرٍ - بِالتَّكْبِيرِ - الْوَاسِطِيِّ الْمُتَأَخِّرِ (بَعْدَهُ) وَأَحَدِ الْآخِذِينَ عَنْهُ.
فَقَدْ قَالَ ابْنُ سَعْدٍ: إِنَّهُ كَانَ يُدَلِّسُ كَثِيرًا، فَمَا قَالَ فِيهِ: أَنَا فَهُوَ حُجَّةٌ، وَإِلَّا فَلَيْسَ بِشَيْءٍ. وَسُئِلَ مَا يَحْمِلُكَ عَلَى التَّدْلِيسِ؟ قَالَ: إِنَّهُ أَشْهَى شَيْءٍ.
وَغَيْرِهِمَا كَحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ، فَإِنَّهُ - كَمَا قَالَ ابْنُ سَعْدٍ أَيْضًا -: ثِقَةٌ، كَثِيرُ الْحَدِيثِ، إِلَّا أَنَّهُ رُبَّمَا دَلَّسَ عَلَى أَنَسٍ، وَكَقَتَادَةَ.
(وَفَتِّشِ) الصِّحَاحَ، فَإِنَّكَ تَجِدُ بِهَا التَّخْرِيجَ لِجَمَاعَةٍ كَثِيرِينَ مِمَّا صَرَّحُوا فِيهِ، بَلْ رُبَّمَا يَقَعُ فِيهَا مِنْ مُعَنْعَنِهِمْ، وَلَكِنْ هُوَ - كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ - مَحْمُولٌ عَلَى ثُبُوتِ السَّمَاعِ عِنْدَهُمْ فِيهِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، إِذَا كَانَ فِي أَحَادِيثِ الْأُصُولِ لَا الْمُتَابَعَاتِ تَحْسِينًا لِلظَّنِّ بِمُصَنِّفِيهَا، يَعْنِي وَلَوْ لَمْ نَقِفْ نَحْنُ عَلَى ذَلِكَ لَا فِي الْمُسْتَخْرَجَاتِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةٌ لِكَثِيرٍ مِنْهُ وَلَا فِي غَيْرِهَا.
وَأَشَارَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ إِلَى التَّوَقُّفِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ قَالَ - بَعْدَ تَقْرِيرِ أَنَّ مُعَنْعَنَ الْمُدَلِّسِ كَالْمُنْقَطِعِ مَا نَصُّهُ: وَهَذَا جَارٍ عَلَى الْقِيَاسِ، إِلَّا أَنَّ الْجَرْيَ عَلَيْهِ فِي تَصَرُّفَاتِ الْمُحَدِّثِينَ وَتَخْرِيجَاتِهِمْ صَعْبٌ عَسِيرٌ، يُوجِبُ اطِّرَاحَ كَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي صَحَّحُوهَا ; إِذْ يَتَعَذَّرُ عَلَيْنَا إِثْبَاتُ سَمَاعِ الْمُدَلِّسِ فِيهَا مِنْ شَيْخِهِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ مُدَّعٍ أَنَّ الْأَوَّلِينَ اطَّلَعُوا عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ نَطَّلِعْ نَحْنُ عَلَيْهِ. وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ. انْتَهَى.
وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ قَوْلُ الْقُطْبِ الْحَلَبِيِّ فِي الْقَدَحِ الْمُعَلَّى: " أَكْثَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute