نَكْرَهُهُ، زَادَ غَيْرُهُ وَتَشْتَدُّ الْكَرَاهَةُ إِذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ ضَعِيفًا فَهُوَ حَرَامٌ، وَلَكِنِ اخْتَصَّ شُعْبَةُ مِنْهُ مَعَ تَقَدُّمِهِ بِالْمَزِيدِ كَمَا تَرَى، عَلَى أَنَّ شُعْبَةَ قَدْ عِيبَ بِقَوْلِهِ: لَأَنْ أَزْنِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ يَزِيدَ بْنَ أَبَانٍ الرَّقَاشِيِّ. فَقَالَ يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ رَاوِي ذَلِكَ عَنْهُ: مَا كَانَ أَهْوَنَ عَلَيْهِ الزِّنَا! .
قَالَ الذَّهَبِيُّ: وَهُوَ - أَيِ: التَّدْلِيسُ - دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» ; لِأَنَّهُ يُوهِمُ السَّامِعِينَ أَنَّ حَدِيثَهُ مُتَّصِلٌ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ، هَذَا إِنْ دَلَّسَ عَنْ ثِقَةٍ، فَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَقَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، بَلْ هُوَ - كَمَا قَالَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ - حَرَامٌ إِجْمَاعًا.
وَأَمَّا مَا نَقَلَهُ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ عَنِ الْحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ قَالَ: التَّدْلِيسُ اسْمٌ ثَقِيلٌ شَنِيعُ الظَّاهِرِ، لَكِنَّهُ خَفِيفُ الْبَاطِنِ، سَهْلُ الْمَعْنَى، فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُحَرَّمِ مِنْهُ.
(وَدُونَهُ) أَيْ: دُونَ الْأَوَّلِ مِنْ قِسْمَيْ تَدْلِيسِ الْإِسْنَادِ، وَفُصِلَ عَنْهُ لِعَدَمِ الْحَذْفِ فِيهِ (التَّدْلِيسُ لِلشِّيُوخِ) ثَانِي قِسْمَيْهِ، لِتَصْرِيحِ ابْنِ الصَّلَاحِ بِأَنَّ أَمْرَهُ أَخَفُّ، وَهُوَ (أَنْ يَصِفَ) الْمُدَلِّسُ (الشَّيْخَ) الَّذِي سَمِعَ ذَاكَ مِنْهُ (بِمَا لَا يُعْرَفُ) أَيْ: يُشْتَهَرُ (بِهِ) مِنَ اسْمٍ أَوْ كُنْيَةٍ، أَوْ نِسْبَةٍ إِلَى قَبِيلَةٍ، أَوْ بَلْدَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، كَيْ يُوعِرَ مَعْرِفَةَ الطَّرِيقِ عَلَى السَّامِعِ.
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ " أَنْ " وَمَا بَعْدَهَا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الْبَيَانِ لِقَوْلِهِ: " التَّدْلِيسُ ".
وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذَلِكَ قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُجَاهِدٍ الْمُقْرِئِ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ، يُرِيدُ بِهِ الْحَافِظَ أَبَا بَكْرِ ابْنَ صَاحِبِ السُّنَنِ الْحَافِظِ أَبِي دَاوُدَ.
وَقَوْلُهُ أَيْضًا: ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَنَدٍ، يُرِيدُ بِهِ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ النَّقَّاشَ، نِسْبَةً لِجَدٍّ لَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute