(وَذَا) الْفِعْلُ (بِـ) اخْتِلَافِ (مَقْصِدٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ، حَامِلٌ لِفَاعِلِهِ عَلَيْهِ (يَخْتَلِفْ) فِي الْكَرَاهَةِ، (فَشَرُّهُ) مَا كَانَتْ تَغْطِيَتُهُ (لِلضَّعْفِ) فِي الرَّاوِي كَمَا فُعِلَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيِّ الضَّعِيفِ ; حَيْثُ قِيلَ: فِيهِ حَمَّادٌ ; لِتَضَمُّنِهِ الْخِيَانَةَ وَالْغِشَّ وَالْغُرُورَ، وَذَلِكَ حَرَامٌ هُنَا وَفِي الَّذِي قَبْلَهُ، كَمَا تَقَدَّمَ إِجْمَاعًا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثِقَةً عِنْدَ فَاعِلِهِ، فَهُوَ أَسْهَلُ إِنْ لَمْ يَكُنْ قَدِ انْفَرَدَ هُوَ بِتَوْثِيقِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِتَضْعِيفِ النَّاسِ لَهُ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ أَسْهَلُ مِنَ الْأَوَّلِ أَيْضًا كَمَا أَشَرْتُ إِلَيْهِ فِي الْمُرْسَلِ.
(وَ) يَكُونُ (اسْتِصْغَارًا) لِسِنِّ الَّذِي حَدَّثَهُ بِهِ، إِمَّا بِأَنْ يَكُونَ أَصْغَرَ مِنْهُ أَوْ أَكْبَرَ، لَكِنْ بِيَسِيرٍ أَوْ بِكَثِيرٍ، لَكِنْ تَأَخَّرَتْ وَفَاتُهُ حَتَّى شَارَكَهُ فِي الْأَخْذِ عَنْهُ مَنْ هُوَ دُونَهُ.
وَقَدْ رَوَى الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي الدُّنْيَا، الْحَافِظِ الشَّهِيرِ صَاحِبِ التَّصَانِيفِ، فَلِكَوْنِ الْحَارِثِ أَكْبَرَ مِنْهُ قَالَ فِيهِ مَرَّةً: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدٍ، وَمَرَّةً: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُفْيَانَ، وَمَرَّةً: أَبُو بَكْرِ بْنُ سُفْيَانَ، وَمَرَّةً: أَبُو بَكْرٍ الْأُمَوِيُّ، قَالَ الْخَطِيبُ: (وَذَلِكَ خِلَافُ مُوجِبِ الْعَدَالَةِ وَمُقْتَضَى الدِّيَانَةِ مِنَ التَّوَاضُعِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ، وَتَرْكِ الْحَمِيَّةِ فِي الْأَخْبَارِ بِأَخْذِ الْعِلْمِ عَمَّنْ أَخَذَهُ) .
قُلْتُ: وَقَدْ يَكُونُ لِلْخَوْفِ مِنْ عَدَمِ أَخْذِهِ عَنْهُ، وَانْتِشَارِهِ مَعَ الِاحْتِيَاجِ إِلَيْهِ، أَوْ لِكَوْنِ الْمُدَلَّسِ عَنْهُ حَيًّا، وَعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِهِ أَبْعَدَ عَنِ الْمَحْذُورِ الَّذِي نَهَى الشَّافِعِيُّ عَنْهُ لِأَجْلِهِ.
وَمِنْهُ قَوْلُ شَيْخِنَا: أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصَّحْرَاوِيُّ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بِالصَّالِحِيَّةِ، وَعَنَى بِذَلِكَ الْوَلِيَّ أَبَا زُرْعَةَ ابْنَ شَيْخِهِ الزَّيْنِ أَبِي الْفَضْلِ الْعِرَاقِيِّ، وَلَمْ يَتَنَبَّهْ لَهُ إِلَّا أَفْرَادٌ، مَعَ تَحْدِيثِهِ بِذَلِكَ حَتَّى لِجَمَاعَةٍ مِنْ خَوَاصِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute