للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلِذَا قَالَ شَيْخُنَا: (فَإِنْ خُولِفَ - أَيِ: الرَّاوِي - بِأَرْجَحَ مِنْهُ لِمَزِيدِ ضَبْطٍ أَوْ كَثْرَةِ عَدَدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحَاتِ - فَالرَّاجِحُ يُقَالُ لَهُ: الْمَحْفُوظُ، وَمُقَابِلُهُ وَهُوَ الْمَرْجُوحُ، يُقَالُ لَهُ: الشَّاذُّ) .

وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ فِي تَعَارُضِ الْوَصْلِ وَالرَّفْعِ مَعَ الْإِرْسَالِ وَالْوَقْفِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ، بَلْ إِنْ كَانَ مَنْ أَرْسَلَ أَوْ وَقَفَ مِنَ الثِّقَاتِ أَرْجَحَ قُدِّمَ، وَكَذَا بِالْعَكْسِ.

مِثَالُ الشُّذُوذِ فِي السَّنَدِ: مَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَوْسَجَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ «رَجُلًا تُوُفِّيَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَمْ يَدَعْ وَارِثًا إِلَّا مَوْلًى هُوَ أَعْتَقَهُ» . . . . الْحَدِيثَ.

فَإِنَّ حَمَّادَ بْنَ زَيْدٍ رَوَاهُ عَنْ عَمْرٍو مُرْسَلًا بِدُونِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنْ قَدْ تَابَعَ ابْنَ عُيَيْنَةَ عَلَى وَصْلِهِ ابْنُ جُرَيْجٍ وَغَيْرُهُ، وَلِذَا قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: الْمَحْفُوظُ حَدِيثُ ابْنِ عُيَيْنَةَ هَذَا، مَعَ كَوْنِ حَمَّادٍ مِنْ أَهْلِ الْعَدَالَةِ وَالضَّبْطِ، وَلَكِنَّهُ رَجَّحَ رِوَايَةَ مَنْ هُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنْهُ.

وَمِثَالُهُ فِي الْمَتْنِ: زِيَادَةُ يَوْمِ عَرَفَةَ فِي حَدِيثِ: أَيَّامُ التَّشْرِيقِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ، فَإِنَّ الْحَدِيثَ مِنْ جَمِيعِ طُرُقِهِ بِدُونِهَا، وَإِنَّمَا جَاءَ بِهَا مُوسَى بْنُ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.

قَالَ الْأَثْرَمُ: وَالْأَحَادِيثُ إِذَا كَثُرَتْ كَانَتْ أَثْبَتَ مِنَ الْوَاحِدِ الشَّاذِّ، وَقَدْ يَهِمُ الْحَافِظُ أَحْيَانًا. عَلَى أَنَّهُ قَدْ صَحَّحَ حَدِيثَ مُوسَى هَذَا ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَابْنُ حِبَّانَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>