للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ: إِنَّهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: إِنَّهُ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَكَأَنَّ ذَلِكَ لِأَنَّهَا زِيَادَةُ ثِقَةٍ غَيْرُ مُنَافِيَةٍ لِإِمْكَانِ حَمْلِهَا عَلَى حَاضِرِي عَرَفَةَ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ قَيَّدَ التَّفَرُّدَ بِقَيْدَيْنِ: الثِّقَةِ، وَالْمُخَالَفَةِ.

(وَالْحَاكِمُ) صَاحِبُ الْمُسْتَدْرَكِ وَالْمَعْرِفَةِ (الْخِلَافُ) لِلْغَيْرِ (فِيهِ) أَيْ: فِي الشَّاذِّ (مَا اشْتَرَطَ) بَلْ هُوَ عِنْدَهُ مَا انْفَرَدَ بِهِ ثِقَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ، وَلَيْسَ لَهُ أَصْلٌ بِمُتَابِعٍ لِذَلِكَ الثِّقَةِ، فَاقْتَصَرَ عَلَى قَيْدِ الثِّقَةِ وَحْدَهُ، وَبَيَّنَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يُغَايِرُ الْمُعَلَّلَ ; مِنْ حَيْثُ إِنَّ ذَاكَ وَقَفَ عَلَى عِلَّتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى جِهَةِ الْوَهْمِ فِيهِ، مِنْ إِدْخَالِ حَدِيثٍ فِي حَدِيثٍ، أَوْ وَصْلٍ مُرْسَلٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي.

وَالشَّاذُّ لَمْ يُوقَفْ لَهُ عَلَى عِلَّةٍ أَيْ مُعَيَّنَةٍ ; وَهَذَا يُشْعِرُ بِاشْتِرَاكِ هَذَا مَعَ ذَاكَ فِي كَوْنِهِ يَنْقَدِحُ فِي نَفْسِ النَّاقِدِ أَنَّهُ غَلَطٌ، وَقَدْ تَقْصُرُ عِبَارَتُهُ عَنْ إِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى دَعْوَاهُ، وَإِنَّهُ مِنْ أَغْمِضِ الْأَنْوَاعِ وَأَدَقِّهَا، وَلَا يَقُومُ بِهِ إِلَّا مَنْ رَزَقَهُ اللَّهُ الْفَهْمَ الثَّاقِبَ، وَالْحِفْظَ الْوَاسِعَ، وَالْمَعْرِفَةَ التَّامَّةَ بِمَرَاتِبِ الرُّوَاةِ، وَالْمَلَكَةَ الْقَوِيَّةَ بِالْأَسَانِيدِ وَالْمُتُونِ. وَهُوَ كَذَلِكَ، بَلِ الشَّاذُّ - كَمَا نُسِبَ لِشَيْخِنَا - أَدَقُّ مِنَ الْمُعَلَّلِ بِكَثِيرٍ.

ثُمَّ إِنَّ الْحَاكِمَ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَذَا التَّعْرِيفِ، بَلْ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ: " إِنَّهُ مَذْهَبُ جَمَاعَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ، قَالَ: وَهَذَا ضَعِيفٌ ".

(وَلِلْخَلِيلِيِّ) نِسْبَةً لِجَدِّهِ الْأَعْلَى ; لِأَنَّهُ الْحَافِظُ أَبُو يَعْلَى الْخَلِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْخَلِيلِ الْقَزْوِينِيُّ، وَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ فِيهِ (مُفْرَدُ الرَّاوِي فَقَطْ) ثِقَةً كَانَ أَوْ غَيْرَ ثِقَةٍ، خَالَفَ أَوْ لَمْ يُخَالِفْ، فَمَا انْفَرَدَ بِهِ الثِّقَةُ يُتَوَقَّفُ فِيهِ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَلَكِنْ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ شَاهِدًا، وَمَا انْفَرَدَ بِهِ غَيْرُ الثِّقَةِ فَمَتْرُوكٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>