(عَنِ الْحَيِّ) ، وَهُوَ كَمَا [أَشَارَ إِلَيْهِ الْخَطِيبُ قَرِيبًا] دُونَ ابْنِ الصَّلَاحِ (لِ) أَجْلِ (خَوْفِ التُّهَمِ) إِذَا جَزَمَ الشَّيْخُ بِالنَّفْيِ، وَذَلِكَ فِيمَا رُوِّينَاهُ فِي مَنَاقِبِهِ وَالْمَدْخَلِ، كِلَاهُمَا لِلْبَيْهَقِيِّ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ الْجَصَّاصِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: سَمِعْتُ مِنَ الشَّافِعِيِّ حِكَايَةً، فَحَكَيْتُهَا عَنْهُ، فَنُمِيَتْ إِلَيْهِ، فَأَنْكَرَهَا، قَالَ: فَاغْتَمَّ أَبِي ; أَيْ: لِذَلِكَ غَمًّا شَدِيدًا، وَكُنَّا نُجِلُّهُ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَتِ، أَنَا أُذَكِّرُهُ لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ، فَمَضَيْتُ إِلَيْهِ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، أَلَيْسَ تَذْكُرُ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فِي الْإِمْلَاءِ عَلَى الْكَلِمَةِ؟ فَذَكَرَهَا، ثُمَّ قَالَ لِي: يَا مُحَمَّدُ، لَا تُحَدِّثْ عَنِ الْحَيِّ ; فَإِنَّ الْحَيَّ لَا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْسَى.
لَكِنْ قَدْ قَيَّدَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ الْكَرَاهَةَ بِمَا إِذَا كَانَ لَهُ طَرِيقٌ آخَرُ سِوَى طَرِيقِ الْحَيِّ، أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَاهَا وَحَدَثَتْ وَاقِعَةٌ فَلَا مَعْنَى لِلْكَرَاهَةِ ; لِمَا فِي الْإِمْسَاكِ مِنْ كَتْمِ الْعِلْمِ، وَقَدْ يَمُوتُ الرَّاوِي قَبْلَ مَوْتِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ، فَيَضِيعُ الْعِلْمُ [إِنْ لَمْ يُحَدِّثْ بِهِ غَيْرَهُ] ، وَهُوَ حَسَنٌ ; إِذِ الْمَصْلَحَةُ مُحَقَّقَةٌ، وَالْمَفْسَدَةُ مَظْنُونَةٌ، كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي قَبُولِ الْمُبْتَدِعِ فِيمَا لَمْ نَرَهُ مِنْ حَدِيثِ غَيْرِهِ، مِنْ أَنَّ مَصْلَحَةَ تَحْصِيلِ ذَاكَ الْمَرْوِيِّ مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَصْلَحَةِ إِهَانَتِهِ وَإِطْفَاءِ بِدْعَتِهِ.
وَكَذَا يَحْسُنُ تَقْيِيدُ مَسْأَلَتِنَا بِمَا إِذَا كَانَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ، أَمَّا إِنْ كَانَا فِي بَلَدَيْنِ فَلَا ; لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ [الْحَامِلُ لَهُ عَلَى الْإِنْكَارِ النَّفَاسَةَ] مَعَ قِلَّتِهَا بَيْنَ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَقَدْ حَدَّثَ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِشَيْءٍ، وَسُئِلَ الزُّهْرِيُّ عَنْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute