وَقَوْلُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ: إِنَّهُ رَآهُ وَأَخُوهُ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْحُفَّاظِ وَهُوَ نَائِمٌ فِي حَالِ كَوْنِهِ يُقْرَأُ لَهُ عَلَى ابْنِ عُيَيْنَةَ، وَإِنَّ عُثْمَانَ قَالَ لِلْقَارِئِ: أَنْتَ تَقْرَأُ وَصَاحِبُكَ نَائِمٌ، فَضَحِكَ ابْنُ عُيَيْنَةَ. قَالَ عُثْمَانُ: فَتَرَكْنَا ابْنَ وَهْبٍ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا، فَقِيلَ لَهُ: وَلِهَذَا تَرَكْتُمُوهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، أَتُرِيدُ أَكْثَرَ مِنْ ذَا؟ رَوَاهُ الْخَطِيبُ.
فَلِكَوْنِهِ فِي ذَلِكَ مَاشِيًا عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ بَلَدِهِ فِي تَجْوِيزِ الْإِجَازَةِ، وَأَنْ يُقَالَ فِيهَا: حَدَّثَنِي، بَلْ قَالَ أَحْمَدُ: إِنَّهُ كَانَ صَحِيحَ الْحَدِيثِ، يَفْصِلُ السَّمَاعَ مِنَ الْعَرْضِ، وَالْحَدِيثَ مِنَ الْحَدِيثِ، مَا أَصَحَّ حَدِيثَهُ، فَقِيلَ لَهُ: أَلَيْسَ كَانَ يُسِيءُ الْأَخْذَ؟ قَالَ: قَدْ كَانَ، وَلَكِنَّكَ إِذَا نَظَرْتَ فِي حَدِيثِهِ عَنْ مَشَايِخِهِ وَجَدْتَهُ صَحِيحًا.
ثُمَّ إِنَّهُ لَا يَضُرُّ فِي كُلِّ مِنَ التَّحَمُّلِ وَالْأَدَاءِ النُّعَاسُ الْخَفِيفُ الَّذِي لَا يَخْتَلُّ مَعَهُ فَهْمُ الْكَلَامِ، لَا سِيَّمَا مِنَ الْفَطِنِ، فَقَدْ كَانَ الْحَافِظُ الْمِزِّيُّ رُبَّمَا يَنْعَسُ فِي حَالِ إِسْمَاعِهِ، وَيَغْلَطُ الْقَارِئُ أَوْ يَزِلُّ فَيُبَادِرُ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ، وَكَذَا شَاهَدْتُ شَيْخَنَا غَيْرَ مَرَّةٍ، بَلْ بَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ الرَّاسِخِينَ فِي الْعَرَبِيَّةِ أَنَّهُ كَانَ يُقْرِئُ شَرْحَ أَلْفِيَّةِ النَّحْوِ لِابْنِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ نَاعِسٌ.
وَمَا يُوجَدُ فِي الطِّبَاقِ مِنَ التَّنْبِيهِ عَلَى نُعَاسِ السَّامِعِ أَوِ الْمُسْمِعِ لَعَلَّهُ فِيمَنْ جُهِلَ حَالُهُ، أَوْ عُلِمَ بِعَدَمِ الْفَهْمِ.
وَأَمَّا امْتِنَاعُ التَّقِيِّ ابْنِ دَقِيقِ الْعِيدِ مِنَ التَّحْدِيثِ عَنِ ابْنِ الْمُقَيَّرِ مَعَ صِحَّةِ سَمَاعِهِ مِنْهُ ; لِكَوْنِهِ شَكَّ هَلْ نَعِسَ حَالَ السَّمَاعِ أَمْ لَا، فَلِوَرَعِهِ ; فَقَدْ كَانَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute