للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَرَعِ بِمَكَانٍ.

وَنَحْوُهُ أَنَّهُ قِيلَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنَ شَقِيقٍ الْمَرْوَزِيِّ: أَسَمِعْتَ الْكِتَابَ الْفُلَانِيَّ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَلَكِنْ نَهَقَ حِمَارٌ يَوْمًا فَاشْتَبَهَ عَلَيَّ حَدِيثٌ، وَلَمْ أَعْرِفْ تَعْيِينَهُ، فَتَرَكْتُ الْكِتَابَ كُلَّهُ. (وَ) كَذَلِكَ رُدَّ عِنْدَهُمْ ذُو تَسَاهُلٍ فِي حَالَةِ (الْأَدَاءِ) أَيِ: التَّحْدِيثِ (كَ) الْمُؤَدِّي (لَا مِنْ أَصْلٍ) صَحِيحٍ مَعَ كَوْنِهِ هُوَ أَوِ الْقَارِئِ أَوْ بَعْضِ السَّامِعِينَ غَيْرَ حَافِظٍ، حَسْبَمَا يَأْتِي فِي بَابِهِ.

وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ كَانَ يُحَدِّثُ بَعْدَ ذَهَابِ أُصُولِهِ وَاخْتِلَالِ حِفْظِهِ، كَفِعْلِ ابْنِ لَهِيعَةَ فِيمَا حَكَاهُ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، فَقَالَ: جَاءَ قَوْمٌ وَمَعَهُمْ جُزْءٌ فَقَالُوا: سَمِعْنَاهُ مِنِ ابْنِ لَهِيعَةَ، فَنَظَرْتُ فَلَمْ أَجِدْ فِيهِ حَدِيثًا وَاحِدًا مِنْ حَدِيثِهِ، فَأَتَيْتُهُ وَأَعْلَمْتُهُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: مَا أَصْنَعُ؟ يَجِيئُونِي بِكِتَابٍ فَيَقُولُونَ: هَذَا مِنْ حَدِيثِكَ، فَأُحَدِّثُهُمْ بِهِ.

وَنَحْوُهُ مَا وَقَعَ لِمُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ الْإِسْكَنْدَرَانِيِّ، جَاءَهُ رَجُلٌ بَعْدَ أَنْ ذَهَبَتْ كُتُبُهُ بِنُسْخَةِ ضِمَامِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَيَعْقُوبَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ لَهُ: أَلَيْسَ هُمَا سَمَاعَكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَحَدِّثْنِي بِهِمَا، قَالَ: قَدْ ذَهَبَتْ كُتُبِي، وَلَا أُحَدِّثُ مِنْ غَيْرِ أَصْلٍ، فَمَا زَالَ حَتَّى خَدَعَهُ، وَلِذَا مَنْ سَمِعَ مِنْهُ قَدِيمًا قَبْلَ ذِهَابِ كُتُبِهِ كَانَ صَحِيحَ الْحَدِيثِ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا.

وَمِمَّنْ وُصِفَ بِالتَّسَاهُلِ فِيهِمَا قُرَّةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ: إِنَّهُ كَانَ يَتَسَاهَلُ فِي السَّمَاعِ وَفِي الْحَدِيثِ، وَلَيْسَ بِكَذَّابٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>