للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالظَّاهِرُ أَنَّ الرَّدَّ بِذَلِكَ لَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، وَإِلَّا فَقَدْ عُرِفَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمَقْبُولِينَ بِهِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَمَّا انْضَمَّ إِلَيْهِمْ مِنَ الثِّقَةِ وَعَدَمِ الْمَجِيءِ بِمَا يُنْكَرُ، وَكَلَامُ أَحْمَدَ الْمَاضِيَ قَرِيبًا يَشْهَدُ لَهُ، أَوْ لِكَوْنِ التَّسَاهُلِ يَخْتَلِفُ، فَمِنْهُ مَا يَقْدَحُ، وَمِنْهُ مَا لَا يَقْدَحُ.

وَكَذَا مَنِ اخْتَلَّ ضَبْطُهُ بِحَيْثُ أَكْثَرَ مِنَ الْقَلْبِ أَوِ الْإِدْرَاجِ، أَوْ رَفَعِ الْمَوْقُوفِ، أَوْ وَصَلِ الْمُرْسَلِ (أَوْ قَبِلَ التَّلْقِينَ) الْبَاطِلَ مِمَّنْ يُلَقِّنُهُ إِيَّاهُ فِي الْحَدِيثِ إِسْنَادًا أَوْ مَتْنًا، وَبَادَرَ إِلَى التَّحْدِيثِ بِذَلِكَ وَلَوْ مَرَّةً ; لِدَلَالَتِهِ عَلَى مُجَازَفَتِهِ وَعَدَمِ تَثَبُّتِهِ وَسُقُوطِ الْوُثُوقِ بِالْمُتَّصِفِ بِهِ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ كَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ يَفْعَلُهُ اخْتِبَارًا وَتَجْرِبَةً لِحِفْظِ الرَّاوِي وَضَبْطِهِ وَحِذْقِهِ.

قَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ فِيمَا رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى فِي مُسْنَدِهِ: لَقَّنْتُ سَلَمَةَ بْنَ عَلْقَمَةَ حَدِيثًا، فَحَدَّثَنِي بِهِ، ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ وَقَالَ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُكَذِّبَ صَاحِبَكَ ; أَيْ: تَعْرِفَ كَذِبَهُ، فَلَقِّنْهُ.

وَكَذَا قَالَ قَتَادَةُ: إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تُكَذِّبَ صَاحِبَكَ فَلَقِّنْهُ.

وَمِنْهُمْ مَنْ يَفْعَلُهُ لِيَرْوِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَمَّنْ لَقَّنَهُ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْقَدْحِ فِي فَاعِلِهِ. قَالَ عَبْدَانُ الْأَهْوَازِيُّ: كَانَ الْبَغْدَادِيُّونَ، كَعَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَطَاءٍ، يُلَقِّنُونَ الْمَشَايِخَ، وَكُنْتُ أَمْنَعُهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>