وَهَذَا الْقِسْمُ الثَّانِي (وَهْوَ أَوْهَى) وَأَضْعَفُ مِنَ الَّذِي قَبْلَهُ، وَذَاكَ أَقْرَبُ إِلَى الْجَوَازِ (وَ) لِذَا (أَجَازَ الْأَوَّلَا) خَاصَّةً (ابْنُ) الْحَافِظِ الشَّهِيرُ (أَبِي دَاوُدَ) السِّجِسْتَانِيِّ، وَهْوَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ، بَلْ فَعَلَهُ فَقَالَ: أَجَزْتُ لَكَ وَلِأَوْلَادِكَ وَلِحَبَلِ الْحَبَلَةِ.
قَالَ الْخَطِيبُ: يَعْنِي الَّذِينَ لَمْ يُولَدُوا بَعْدُ، قَالَ: وَلَمْ أَجِدْ لِأَحَدٍ مِنَ الشُّيُوخِ الْمُحَدِّثِينَ فِي ذَلِكَ قَوْلًا، وَلَا بَلَغَنِي عَنِ الْمُتَقَدِّمِينَ سِوَاهُ فِيهِ رِوَايَةٌ.
قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ وَقَعَ مِنْهُ عَلَى سَبِيلِ الْمُبَالَغَةِ وَتَأْكِيدِ الْإِجَازَةِ، لَا أَنَّهُ أَرَادَ حَقِيقَةَ اللَّفْظِ.
قُلْتُ: لَكِنْ قَدْ عَزَى شَيْخُنَا لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ اسْتِعْمَالَهَا، وَابْنُ الصَّبَّاغِ جَوَازَهَا لِقَوْمٍ (وَهْوَ مَثَّلَا) أَيْ: شَبَّهَ (بِالْوَقْفِ) عَلَى الْمَعْدُومِ حَيْثُ صَحَّ فِيمَا كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى مَوْجُودٍ كَمَا قَالَ بِهِ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ، وَكَذَا بِالْوَصِيَّةِ عَنِ الشَّافِعِيِّ نَفْسِهِ ; فَإِنَّهُ فِي وَصِيَّتِهِ الْمُكْتَتَبَةِ فِي الْأُمِّ أَوْصَى فِيهَا أَوْصِيَاءَ عَلَى أَوْلَادِهِ الْمَوْجُودِينَ، وَمَنْ يُحْدِثُهُ اللَّهُ لَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ، وَلَا شَكَ أَنْ يُغْتَفَرَ فِي التَّبَعِ وَالضِّمْنِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَصْلِ، أَمَّا الْوَقْفُ عَلَى الْمَعْدُومِ ابْتِدَاءً، كَعَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِفُلَانٍ، فَلَا عَلَى الْمَذْهَبِ ; لِأَنَّهُ مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ، وَ (لَكِنَّ) الْقَاضِيَ (أَبَا الطَّيِّبِ) طَاهِرًا الطَّبَرِيَّ (رَدَّ كِلَيْهِمَا) أَيِ: الْقِسْمَيْنِ مُطْلَقًا فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ صَاحِبُهُ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute