للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَا مَنَعَهُ الْمَاوَرْدِيُّ فِيمَا حَكَاهُ عِيَاضٌ (وَهْوَ الصَّحِيحُ الْمُعْتَمَدْ) الَّذِي لَا يَنْبَغِي غَيْرُهُ ; لِأَنَّ الْإِجَازَةَ فِي حُكْمِ الْإِخْبَارِ جُمْلَةً بِالْمُجَازِ عَلَى مَا قُرِّرَ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ، فَكَمَا لَا يَصِحُّ الْإِخْبَارُ لِلْمَعْدُومِ لَا تَصِحُّ الْإِجَازَةُ لَهُ، بَلْ وَلَوْ قَدَّرْنَا أَنَّ الْإِجَازَةَ إِذْنٌ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ أَيْضًا كَالْوَكَالَةِ لِلْمَعْدُومِ ; لِوُقُوعِهِ فِي حَالَةٍ يَتَعَذَّرُ فِيهَا الْمَأْذُونُ فِيهِ مِنَ الْمَأْذُونِ لَهُ.

وَأَيْضًا فَكَمَا قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: يَلْزَمُ مِنَ الْجَوَازِ أَنْ يَتَّصِلَ الرِّوَايَةُ فِي بَعْضِ صُوَرِ هَذَا النَّوْعِ بَيْنَ شَخْصَيْنِ فِي السَّنَدِ مِنْ غَيْرِ وَاسِطَةٍ وَلَا لُقْيٍ وَلَا إِدْرَاكِ عَصْرٍ، وَمِثْلُ هَذَا غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَسَاقِطٌ عَنْ دَرَجَةِ الِاعْتِبَارِ، وَلَمْ نَرَ مَنْ صَرَّحَ بِاسْتِثْنَاءِ هَذِهِ الصُّورَةِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَهُوَ مِمَّا يَتَقَوَّى بِهِ الرَّدُّ، وَ (كَذَا) رَدَّهَا (أَبُو نَصْرٍ) هُوَ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَبَيَّنَ بُطْلَانَهَا، وَقَالَ: إِنَّمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّ الْإِجَازَةَ إِذْنٌ فِي الرِّوَايَةِ لَا مُحَادَثَةٌ، يَعْنِي: فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْوُجُودُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا رَدُّهُ وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهَا إِذْنٌ (وَ) لَكِنْ (جَازَ) الْإِذْنُ لِلْمَعْدُومِ (مُطْلَقًا عِنْدَ) الْحَافِظِ أَبِي بَكْرٍ (الْخَطِيبِ) ، قِياسًا عَلَى صِحَّةِ الْإِجَازَةِ كَمَا قَالَهُ عِيَاضٌ ; فَإِنَّهُ قَالَ: وَإِذَا صَحَّتِ الْإِجَازَةُ مَعَ عَدَمِ اللِّقَاءِ، وَبُعْدِ الدِّيَارِ، وَتَفَرُّقِ الْأَقْطَارِ فَكَذَلِكَ مَعَ عَدَمِ اللِّقَاءِ، وَبُعْدِ الزَّمَانِ، وَتَفَرُّقِ الْأَعْصَارِ.

وَخَرَّجَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْمَغَارِبَةِ عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ وَأَهْلِ الْحَقِّ فِي جَوَازِ تَعَلُّقِ الْأَمْرِ بِالْمَعْدُومِ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ، قَالَ: وَإِذَا جَازَ فِيهِ فَهُنَا أَوْلَى وَأَحْرَى. وَفِي الْقِيَاسِ تَوَقُّفٌ، ثُمَّ إِنَّ مَا ذُكِرَ فِي اسْتِلْزَامِهِ رِوَايَةَ الرِّوَايَةِ عَمَّنْ يُدْرِكُهُ وَلَا عَاصَرَهُ قَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ الْخَطِيبُ ; فَإِنَّهُ قَالَ: فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ: أَجَازَ فُلَانٌ لِي، وَمَوْلِدُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُجِيزِ بِزَمَانٍ بَعِيدٍ، قِيلَ: كَمَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>