وَقَفَ فُلَانٌ عَلَيَّ، وَإِنْ كَانَ مَوْتُ الْوَاقِفِ قَبْلَ مَوْلِدِهِ بِزَمَانٍ بَعِيدٍ، وَلِأَنَّ بُعْدَ أَحَدِ الزَّمَانَيْنِ مِنَ الْآخَرِ كَبُعْدِ أَحَدِ الْوَطَنَيْنِ مِنَ الْآخَرِ، فَلَوْ أَجَازَ مَنْ مَسْكَنُهُ بِالشَّرْقِ لِمَنْ يَسْكُنُ بِالْغَرْبِ صَحَّ وَجَازَ أَنْ يَقُولَ الْمُجَازُ لَهُ: أَجَازَ لِي فُلَانٌ، وَإِنْ لَمْ يَلْتَقِيَا، فَكَذَلِكَ إِذَا أَجَازَ لِمَنْ يُولَدُ بَعْدَهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: أَجَازَ لِي فُلَانٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَاصَرَا. وَفِيهِ نَظَرٌ ; فَإِنَّ عَدَمَ الِاجْتِمَاعِ فِي الزَّمَانِ يَلْزَمُ فِي الْمَكَانِ، وَلَا عَكْسَ، وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إِلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بُلُوغُ الْخَبَرِ بِالْإِذْنِ، وَهُوَ حَاصِلٌ فِيهِمَا (وَبِهِ) أَيْ: بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا (قَدْ سَبَقَا) أَيِ: الْخَطِيبُ (مِنْ) جَمَاعَةٍ (كَابْنِ عَمْرُوسٍ) الْمَالِكِيِّ (مَعَ) أَبِي يَعْلَى بْنِ (الْفَرَّاءِ) الْحَنْبَلِيِّ، وَالْقَاضِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الدَّامَغَانِيِّ الْحَنَفِيِّ وَأَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ الشَّافِعِيِّ فِيمَا سَمِعَهُ مِنْهُ الْخَطِيبُ قَدِيمًا قَبْلَ أَنْ يَقُولَ مَا تَقَدَّمَ، وَكَذَا أَجَازَهُ غَيْرُهُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، بَلْ قَالَ عِيَاضٌ: إِنَّهُ أَجَازَهُ مُعْظَمُ الشُّيُوخِ الْمُتَأَخِّرِينَ، قَالَ: وَبِهَذَا اسْتَمَرَّ عَمَلُهُمْ بَعْدُ شَرْقًا وَغَرْبًا - انْتَهَى.
وَجَزَمَ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ فِي الْمَشَارِقَةِ، وَبِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي، وَبِأَنَّهُ الْأَقْرَبُ فِي الْأَوَّلِ أَيْضًا (وَقَدْ رَأَى الْحُكْمَ عَلَى اسْتِوَاءٍ فِي الْوَقْفِ أَيْ فِي صِحَّةٍ) أَيْ: رَأَى صِحَّةَ الْوَقْفِ فِي الْقِسْمَيْنِ مُعْظَمُ (مَنْ تَبِعَا أَبَا حَنِيفَةٍ) بِالصَّرْفِ [وَبِعَدَمِهِ، لَكِنْ مَعَ الْخَبَلِ] (وَمَالِكًا) رَحِمَهُمَا اللَّهُ. . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute