للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَنْ يَجُوزَا) ، يَعْنِي مُطْلَقًا، عُطِفَ عَلَى الْإِذْنِ بِمَسْمُوعٍ أَمْ لَا، وَصَنَّفَ فِيهِ جُزْءًا وَحَكَاهُ الْحَافِظُ أَبُو عَلِيٍّ الْبَرَدَانِيُّ، بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمُهْمَلَتَيْنِ وَقَبْلَ يَاءِ النِّسْبَةِ نُونٌ، عَنْ بَعْضِ مُنْتَحِلِي الْحَدِيثِ، وَلَمْ يُسَمِّهِ ; لِأَنَّ الْإِجَازَةَ ضَعِيفَةٌ، فَيَقْوَى ضَعْفُهَا بِاجْتِمَاعِ إِجَازَتَيْنِ (وَ) لَكِنْ قَدْ (رُدَّ) هَذَا الْقَوْلُ حَتَّى قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: إِنَّهُ قَوْلُ بَعْضِ مَنْ لَا يُعْتَدُّ بِهِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَنَّى بِهِ عَمَّنْ أَبْهَمَهُ الْبَرَدَانِيُّ، وَإِنْ كَانَ ابْنُ الْأَنْمَاطِيِّ مُتَأَخِّرًا عَنِ الْبَرَدَانِيِّ بِأَرْبَعِينَ سَنَةً، فَيُبْعِدُ إِرَادَتَهُ لَهُ كَوْنُهُ - كَمَا قَالَ ابْنُ السَّمْعَانِيِّ - كَانَ حَافِظًا ثِقَةً مُتْقِنًا، وَقَالَ رَفِيقُهُ السِّلَفِيُّ: كَانَ حَافِظًا ثِقَةً لَدَيْهِ مَعْرِفَةٌ جَيِّدَةٌ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: كُنْتُ أَقْرَأُ عَلَيْهِ الْحَدِيثَ وَهُوَ يَبْكِي، فَاسَتَفَدْتُ بِبُكَائِهِ أَكْثَرَ مِنِ اسْتِفَادَتِي بِرِوَايَتِهِ، وَانْتَفَعْتُ بِهِ مَا لَمْ أَنْتَفِعْ بِغَيْرِهِ، وَكَانَ عَلَى طَرِيقَةِ السَّلَفِ، وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: كَانَ حَافِظَ عَصْرِهِ بِبَغْدَادَ. فَمَنْ يَكُونُ بِهَذِهِ الْمَرْتَبَةِ لَا يُقَالُ فِي حَقِّهِ: إِنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ، وَإِنْ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: قِيلَ كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَيْهِ، وَجَزَمَ بِهِ الزَّرْكَشِيُّ مَعَ اعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ كَانَ مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْحَدِيثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>