للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقِيلَ: إِنْ عُطِفَ عَلَى الْإِجَازَةِ بِمَسْمُوعٍ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا. أَشَارَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ (وَالصَّحِيحُ) الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ (الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى الْإِجَازَةِ بِمَا أُجِيزَ مُطْلَقًا، وَلَا يُشْبِهُ ذَلِكَ الْقَوْلَ بِمَنْعِ الْوَكِيلِ مِنَ التَّوْكِيلِ بِغَيْرِ إِذْنِ الْمُوَكِّلِ ; فَإِنَّ الْحَقَّ فِي الْوَكَالَةِ لِلْمُوَكِّلِ بِحَيْثُ يَنْفُذُ عَزْلُهُ لَهُ، بِخِلَافِ الْإِجَازَةِ ; فَإِنَّهَا صَارَتْ مُخْتَصَّةً بِالْمُجَازِ لَهُ، لَوْ رَجَعَ الْمُجِيزُ عَنْهَا لَمْ يَنْفُذْ، وَأَيْضًا فَإِنَّ مَوْضُوعَ الْوَكَالَةِ التَّوَصُّلُ إِلَى تَحْصِيلِ غَرَضِ الْمُوَكِّلِ عَلَى وَجْهِ الْحَظِّ وَالْمَصْلَحَةِ، وَرُبَّمَا ضَاعَ ذَلِكَ بِالْوَاسِطَةِ، بَلْ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ أَحْوَالِ الْوَسَائِطِ، فَلَا بُدَ مِنْ إِذْنِ الْمُوَكِّلِ فِي ذَلِكَ، مُحَافَظَةً عَلَى التَّخَلُّصِ مِنْ ذَلِكَ الْمَحْذُورِ، بِخِلَافِ الْإِجَازَةِ، فَمَوْضُوعُهَا التَّوَصُّلُ إِلَى بَقَاءِ سِلْسِلَةِ الْإِسْنَادِ مَعَ الْإِلْمَامِ بِالْغَرَضِ مِنَ الرِّوَايَةِ، وَهُوَ الْإِذْنُ فِي الرِّوَايَةِ أَوِ التَّحْدِيثِ بِهَا، وَهُوَ حَاصِلٌ تَعَدَّدَتِ الْوَسَائِطُ أَمْ لَا، بَلْ إِنَّمَا يَتَحَقَّقُ غَالِبًا مَعَ التَّعَدُّدِ ; فَلِذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى إِذْنٍ مِنَ الْمُجِيزِ الْأَوَّلِ فِي الْإِجَازَةِ.

وَلِذَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إِنَّ الْقَرِينَةَ الْحَالِيَّةَ مِنْ إِرَادَةِ بَقَاءِ السِّلْسِلَةِ قَاضِيَةٌ بِأَنَّ كُلَّ مُجِيزٍ بِمُقْتَضَى ذَلِكَ آذِنٌ لِمَنْ أَجَازَهُ أَنْ يُجِيزَهُ، وَذَلِكَ فِي الْإِذْنِ فِي الْوَكَالَةِ جَائِزٌ، يَعْنِي حَيْثُ وَكَّلَهُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ تَعَاطِيهِ بِنَفْسِهِ، وَ (قَدْ جَوَّزَهُ) أَيْ: مَا مَرَّ (النُّقَّادُ) ، مِنْهُمُ الْحَافِظُ (أَبُو نُعَيْمٍ) الْأَصْبَهَانِيُّ ; فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَا سَمِعَهُ مِنْهُ الْحَافِظُ أَبُو عَمْرٍو السَّفَاقُسِيُّ الْمَغْرِبِيُّ: الْإِجَازَةُ عَلَى الْإِجَازَةِ قَوِيَّةٌ جَائِزَةٌ (وَكَذَا) جَوَّزَهُ (ابْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>