للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُرَيْجٍ بِصَحِيفَةٍ مَكْتُوبَةٍ فَقَالَ لِي: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ، هَذِهِ أَحَادِيثُ أَرْوِيهَا عَنْكَ؟ قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الطَّالِبُ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ خَبَرُهُ، وَلَا يُوثَقُ بِخِبْرَتِهِ، فَقَدْ (بَطَلَ) الْإِذْنُ (اسْتِيقَانَا) ، وَلَمْ تَصِحَّ الْإِجَازَةُ فَضْلًا عَنِ الْمُنَاوَلَةِ.

نَعَمْ، إِنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ بِطَرِيقٍ مُعْتَمَدٍ صِحَّتُهُ وَثُبُوتُهُ فِي مَرْوِيِّهِ فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ: الصِّحَّةُ أَخْذًا مِنَ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَهُ ; لِأَنَّهُ زَالَ مَا كُنَّا نَخْشَى مِنْ عَدَمِ ثِقَةِ الطَّالِبِ الْمُخْبِرِ مَعَ إِمْكَانِ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا.

(وَ) إِمَّا (إِنْ يَقُلْ) أَيِ: الشَّيْخُ لِلطَّالِبِ الْمُعْتَمَدِ وَغَيْرِهِ: (أَجَزْتُهُ إِنْ كَانَا ذَا) أَيِ: الْمُجَازُ بِهِ (مِنْ حَدِيثِي) مَعَ بَرَاءَتِي مِنَ الْغَلَطِ وَالْوَهْمِ (فَهْوَ) أَيِ: الْقَوْلُ (فِعْلٌ) جَائِزٌ (حَسَنُ) كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ.

وَمِمَّنْ فَعَلَهُ مَالِكٌ ; فَإِنَّ ابْنَ وَهْبٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَهُ فَجَاءَهُ رَجُلٌ يَكْتُبُ عَلَى يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، هَذِهِ الْكُتُبُ مِنْ حَدِيثِكَ أُحَدِّثُ بِهَا عَنْكَ؟ فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: إِنْ كَانَتْ مِنْ حَدِيثِي فَحَدِّثْ بِهَا عَنِّي، وَكَذَا فَعَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَزَادَ النَّاظِمُ أَنَّهُ (يُفِيدُ حَيْثُ وَقَعَ التَّبَيُّنُ) لِصِحَّةِ كَوْنِهِ مِنْ حَدِيثِ الشَّيْخِ.

وَالنَّوْعُ الثَّانِي: (

إِنْ خَلَتْ مِنْ إِذْنِ الْمُنَاوَلَهْ

) بِأَنْ يُنَاوِلَ الشَّيْخُ الطَّالِبَ شَيْئًا مِنْ مَرْوِيِّهِ مِلْكًا أَوْ عَارِيَةً لِيَنْتَسِخَ مِنْهُ، أَوْ يَأْتِيَ إِلَى الشَّيْخِ بِشَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِ فَيَتَصَفَّحُهُ وَيَنْظُرُ فِيهِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ، ثُمَّ يَدْفَعُهُ إِلَيْهِ وَيَقُولُ لَهُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا: هَذَا مِنْ رِوَايَاتِي عَلَى الْحُكْمِ الْمَشْرُوحِ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ، لَكِنْ لَا يُصَرِّحُ لَهُ بِالْإِذْنِ بِرِوَايَتِهِ عَنْهُ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهَا فَ (قِيلَ) كَمَا حَكَاهُ الْخَطِيبُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ: (تَصِحُّ) وَتَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِهَا ; كَالرَّجُلِ يَجِيءُ إِلَى آخَرَ بِصَكٍّ فِيهِ ذِكْرُ حَقٍّ، فَيَقُولُ لَهُ: أَتَعْرِفُ هَذَا الصَّكَّ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، هُوَ دَيْنٌ عَلَيَّ لِفُلَانٍ، أَوْ يَقُولُ لَهُ ابْتِدَاءً: فِي هَذَا الصَّكِّ دَيْنٌ عَلَيَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>