للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِفُلَانٍ، أَوْ يَجِدُ فِي يَدِهِ صَكًّا يَقْرَؤُهُ، فَيَقُولُ لَهُ: مَا فِي هَذَا الصَّكِّ؟ فَيَقُولُ: ذِكْرُ حَقٍّ عَلَيَّ لِفُلَانٍ، ثُمَّ يَسْمَعُهُ بَعْدُ يُنْكِرُهُ ; فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي أَدَائِهِ، كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، وَبِهِ قَالَ أَصْحَابُ الشَّافِعِيِّ.

وَإِذَا جَازَ فِي الشَّهَادَةِ بِدُونِ إِذْنِ الْمُقِرِّ فَفِي الرِّوَايَةِ مِنْ بَابِ أَوْلَى، وَلَعَلَّ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ يُجِيزُ الرِّوَايَةَ بِمُجَرَّدِ إِعْلَامِ الشَّيْخِ الطَّالِبَ بِأَنَّ هَذَا مَرْوِيَّهُ، أَوِ الرِّوَايَةَ بِمُجَرَّدِ إِرْسَالِهِ إِلَيْهِ بِالْكِتَابِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ كَمَا سَيَأْتِي فِيهِمَا، بَلْ هُوَ هُنَا أَوْلَى لِتَرَجُّحِهِ بِزِيَادَةِ الْمُنَاوَلَةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَسْأَلَةِ الْإِعْلَامِ، وَبِالْمُوَاجَهَةِ بِهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْإِرْسَالِ ; فَإِنَّ الْمُنَاوَلَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: لَا تَخْلُو مِنَ الْإِشْعَارِ بِالْإِذْنِ فِي الرِّوَايَةِ، فَحَصَلَ الِاكْتِفَاءُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ كُلِّهَا بِالْقَرِينَةِ، وَبَالَغَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: إِنَّهَا قَرِيبٌ مِنَ السَّمَاعِ عَلَى الشَّيْخِ إِذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الرِّوَايَةِ ; لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي الْعِلْمِ بِالْمَرْوِيِّ.

وَقِيلَ: يَصِحُّ الْعَمَلُ بِهَا دُونَ الرِّوَايَةِ. حُكِيَ عَنْ بَعْضِهِمْ، وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْأَوْزَاعِيُّ قَائِلًا بِهِ ; لِأَنَّهُ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَجَازَ الْمُنَاوَلَةَ وَفَعَلَهَا، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِهَا وَلَا يُحَدِّثُ بِهَا، فَقَالَ عِيَاضٌ: وَلَعَلَّ قَوْلَهُ، يَعْنِي: الثَّانِيَ، فِيمَنْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الْحَدِيثِ بِهِ عَنْهُ.

(وَالْأَصَحُّ) أَنَّهَا بِدُونِ إِذْنٍ (بَاطِلَهْ) ، لَمْ نَرَ - كَمَا قَالَ الْخَطِيبُ - مَنْ فَعَلَهَا لِعَدَمِ التَّصْرِيحِ بِالْإِذْنِ فِيهَا، فَلَا تَجُوزُ الرِّوَايَةُ بِهَا، قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: وَعَابَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ وَالْأُصُولِيِّينَ عَلَى الْمُحَدِّثِينَ تَجْوِيزَهَا وَإِسَاغَةَ الرِّوَايَةِ بِهَا، قُلْتُ: مِنْهُمُ الْغَزَالِيُّ ; فَإِنَّهُ قَالَ فِي الْمُسْتَصْفَى: مُجَرَّدُ الْمُنَاوَلَةِ دُونَ قَوْلِهِ: حَدِّثْ بِهِ عَنِّي، لَا

<<  <  ج: ص:  >  >>