للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَحَلُّ مَا زَادَ عَلَى الْغَرَضِ مِنْ ذَلِكَ مَحَلُّ مَا زَادَ عَلَى الْكَلَامِ الْمَفْهُومِ، مِنْ فَصَاحَةِ الْأَلْفَاظِ، وَلِذَلِكَ قَالَتِ الْعَرَبُ: حُسْنُ الْخَطِّ إِحْدَى الْفَصَاحَتَيْنِ. وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ الْقَائِلِ:

اعْذُرْ أَخَاكَ عَلَى رَدَاءَةِ خَطِّهِ ... وَاغْفِرْ رَدَاءَتَهُ لِجَوْدَةِ ضَبْطِهِ

وَالْخَطُّ لَيْسَ يُرَادُ مِنْ تَعْظِيمِهِ ... وَنِظَامِهِ إِلَّا إِقَامَةُ سَمْطِهِ

فَإِذَا أَبَانَ عَنِ الْمَعَانِي خَطُّهُ ... كَانَتْ مَلَاحَتَهُ زِيَادَةُ شَرْطِهِ

وَلْيَتَجَنَّبْهَا بَعْدَ الْعَصْرِ، لِمَا ثَبَتَتِ الْوَصِيَّةُ بِهِ مِنْ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ.

وَالْكِتَابَةُ بِالْحِبْرِ أَوْلَى مِنَ الْمِدَادِ، بَلْ وَمِنْ مَاءِ الذَّهَبِ وَمِنَ الْأَحْمَرِ ; لِأَنَّهُ أَثْبَتُ، بَلْ قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ الْكِتَابَةَ بِالْأَحْمَرِ شِعَارُ الْفَلَاسِفَةِ وَالْمَجُوسِ، وَيَكُونُ الْحِبْرُ بَرَّاقًا جَارِيًا، وَالْقِرْطَاسُ نَقِيًّا صَافِيًا.

قَالُوا: وَلَا يَكُونُ الْقَلَمُ صُلْبًا جِدًّا، فَلَا يَجْرِي بِسُرْعَةٍ، وَلَا رَخْوًا جِدًّا فَيَحْفَى سَرِيعًا، وَلْيَكُنْ أَمْلَسَ الْعُودِ مُزَالَ الْعُقُودِ، فَقَدْ قِيلَ: إِنَّ الْقَلَمَ الَّذِي بِآخِرِهِ عُقْدَةٌ يُورِثُ الْفَقْرَ. حَكَاهُ صَاحِبُ " تَارِيخِ إِرْبَلَ " عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ، وَاسِعَ الْفَتْحَةِ، طَوِيلَ الْجِلْفَةِ، مُحَرَّفَ الْقِطَّةِ مِنَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ إِنْ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ عَادَتُهُ الْكِتَابَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>