بِالْمُدَوَّرِ، وَمَا يُقَطُّ عَلَيْهِ صُلْبًا جِدًّا، وَيُحْمَدُ الْقَصَبُ الْفَارِسِيُّ وَخَشَبُ الْآبَنُوسِ النَّاعِمِ، وَسِكِّينُ قَلَمِهِ أَحَدُّ مِنَ الْمُوسَى، صَافِيَةُ الْحَدِيدِ، وَلَا يَسْتَعْمِلُهَا فِي غَيْرِهِ. كَمَا بَيَّنَ أَكْثَرَهُ الْخَطِيبُ فِي " جَامِعِهِ ".
وَلَا يَتَوَرَّعُ عَنْ كِتَابَةِ الشَّيْءِ الْيَسِيرِ مِنْ مَحْبَرَةِ غَيْرِهِ بِدُونِ إِذْنِهِ، إِلَّا إِنْ عَلِمَ عَدَمَ رِضَاهُ، فَقَدْ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو جَعْفَرٍ الْأَنْمَاطِيُّ مِرْبَعٌ: كُنْتُ عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَبَيْنَ يَدَيْهِ مَحْبَرَةٌ، فَذَكَرَ حَدِيثًا فَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَكْتُبَ مِنْهَا، فَقَالَ لِي: اكْتُبْ يَا هَذَا، فَهَذَا وَرَعٌ مُظْلِمٌ.
وَلِأَجْلِ الْخَوْفِ مِنَ الِاحْتِيَاجِ لِضَبْطِ الْفَوَائِدِ وَنَحْوِهَا قِيلَ: مَنْ حَضَرَ الْمَجْلِسَ بِلَا مَحْبَرَةٍ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِلْكُدْيَةِ.
وَعنِ الْمُبَرِّدِ قَالَ: رَأَيْتُ الْجَاحِظَ يَكْتُبُ شَيْئًا، فَتَبَسَّمَ فَقُلْتُ: مَا يُضْحِكُكَ؟ فَقَالَ: إِذَا لَمْ يَكُنِ الْقِرْطَاسُ صَافِيًا، وَالْمِدَادُ نَامِيًا، وَالْقَلَمُ مُوَاتِيًا، وَالْقَلْبُ خَالِيًا، فَلَا عَلَيْكَ أَنْ تَكُونَ غَانِيًا.
وَكَمَا يُهْتَمُّ بِضَبْطِ الْحُرُوفِ الْمُعْجَمَةِ - كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي انْجَرَّ الْكَلَامُ إِلَيْهَا - بِالنَّقْطِ - كَذِلِكَ يُهْتَمُّ بِضَبْطِ الْحُرُوفِ الْمُهْمَلَةِ جَلِيِّهَا وَخَفِيِّهَا، أَوْ خَفِيِّهَا فَقَطْ كَمَا اتَّضَحَ هُنَاكَ بِعَلَامَةٍ لِلْإِهْمَالِ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إِعْجَامِهَا ; إِذْ رُبَّمَا يَحْصُلُ بِإِغْفَالِهِ خَلْطٌ.
كَمَا يُحْكَى أَنَّ بَعْضَهُمْ أَمَرَ عَامِلًا لَهُ فِي رِسَالَةٍ أَنْ يُحْصِيَ مَنْ قِبَلَهُ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute