يَكُنْ فَرْدًا وَرَدْ) .
بَلْ جَاءَ أَيْضًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَأَكْثَرَ فَوْقَهُ أَوْ مِثْلَهُ لَا دُونَهُ ; لِيَتَرَجَّحَ بِهِ أَحَدُ الِاحْتِمَالَيْنِ ; لِأَنَّ سَيِّئَ الْحِفْظِ مَثَلًا حَيْثُ يَرْوِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ضَبَطَ الْمَرْوِيَّ، وَيَحْتَمِلُ أَلَّا يَكُونَ ضَبَطَهُ، فَإِذَا وَرَدَ مِثْلُ مَا رَوَاهُ أَوْ مَعْنَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ ضَبَطَ.
وَكُلَّمَا كَثُرَ الْمُتَابِعُ، قَوِيَ الظَّنُّ، كَمَا فِي أَفْرَادِ الْمُتَوَاتِرِ ; فَإِنَّ أَوَّلَهَا مِنْ رِوَايَةِ الْأَفْرَادِ، ثُمَّ لَا تَزَالُ تَكْثُرُ إِلَى أَنْ يُقْطَعَ بِصِدْقِ الْمَرْوِيِّ، وَلَا يَسْتَطِيعُ سَامِعُهُ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ.
عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ إِخْرَاجُ اشْتِرَاطِ الِاتِّصَالِ مِنَ اشْتِرَاطِ عَدَمِ الِاتِّهَامِ فِي رُوَاتِهِ ; لِتَعَذُّرِ الْحُكْمِ بِهِ مَعَ الِانْقِطَاعِ، كَمَا مَضَى فِي تَعَذُّرِ مَعْرِفَةِ الْمَخْرَجِ مَعَهُ، وَلَكِنْ مَا جَزَمْتُ بِهِ هُوَ الْمُطَابِقُ لِمَا فِي جَامِعِهِ، فَقَدْ حَكَمَ بِالْحُسْنِ مَعَ وُجُودِ الِانْقِطَاعِ فِي أَحَادِيثَ، بَلْ وَكَذَا فِي كُلِّ مَا لَا يُنَافِيهِ نَفْيُ الِاتِّهَامِ مِمَّا صَرَّحْتُ بِهِ.
وَحِينَئِذٍ فَقَدَ تَبَيَّنَ عَدَمُ كَوْنِ هَذَا التَّعْرِيفِ جَامِعًا لِلْحَسَنِ بِقِسْمَيْهِ، فَضْلًا عَنْ دُخُولِ الصَّحِيحِ بِقِسْمَيْهِ، وَإِنْ زَعَمَهُ بَعْضُهُمْ، فَرَاوِيهِ لَا يُكْتَفَى فِي وَصْفِهِ بِمَا ذُكِرَ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِتْقَانِ.
(قُلْتُ وَ) مَعَ اشْتِرَاطِ التِّرْمِذِيِّ عَدَمَ التَّفَرُّدِ فِيهِ (قَدْ حَسَّنَ) فِي جَامِعِهِ (بَعْضَ مَا انْفَرَدْ) رَاوِيهِ بِهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِتَصْرِيحِهِ هُوَ بِذَلِكَ، حَيْثُ يُورِدُ الْحَدِيثَ، ثُمَّ يَقُولُ عَقِبَهُ: إِنَّهُ حَسَنٌ غَرِيبٌ، أَوْ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَلَكِنْ قَدْ أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ: بِأَنَّهُ عَرَّفَ مَا يَقُولُ فِيهِ: حَسَنٌ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ صِفَةٍ أُخْرَى لَا الْحَسَنَ مُطْلَقًا.
وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا، مَعَ تَرَدُّدِهِ فِي سَبَبِ اقْتِصَارِهِ عَلَيْهِ، وَإِنَّهُ إِمَّا لِغُمُوضِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ اصْطِلَاحٌ جَدِيدٌ لَهُ، وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ سَيِّدِ النَّاسِ، بَلْ خَصَّهُ بِـ (جَامِعِهِ) فَقَطْ، وَقَالَ: إِنَّهُ لَوْ حَكَمَ فِي غَيْرِهِ مِنْ كُتُبِهِ عَلَى حَدِيثٍ بِأَنَّهُ حَسَنٌ، وَقَالَ قَائِلٌ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute