وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْبَغَوِيِّ: أَكْثَرُ الْأَحْكَامِ ثُبُوتُهَا بِطَرِيقٍ حَسَنٍ، ثُمَّ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: (وَالْفُقَهَاءُ كُلُّهُمْ) وَهُوَ وَإِنْ عَبَّرَ بِعَامَّتِهِمْ، فَمُرَادُهُ كُلُّهُمْ (يَسْتَعْمِلُهُ) أَيْ: فِي الِاحْتِجَاجِ وَالْعَمَلِ فِي الْأَحْكَامِ وَغَيْرِهَا (وَالْعُلَمَاءُ) مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْأُصُولِيِّينَ (الْجُلُّ) أَيِ: الْمُعْظَمُ (مِنْهُمْ يَقْبَلُهُ) فِيهِمَا.
وَمِمَّنْ خَالَفَ فِي ذَلِكَ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ ; فَإِنَّهُ سُئِلَ عَنْ حَدِيثٍ فَحَسَّنَهُ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَحْتَجُّ بِهِ؟ فَقَالَ: إِنَّهُ حَسَنٌ، فَأُعِيدَ السُّؤَالُ مِرَارًا، وَهُوَ لَا يَزِيدُ عَلَى قَوْلِهِ: إِنَّهُ حَسَنٌ.
وَنَحْوُهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، فَقِيلَ لَهُ: أَتَحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ؟ فَقَالَ: هُوَ حَسَنُ الْحَدِيثِ، ثُمَّ قَالَ: الْحُجَّةُ سُفْيَانُ وَشُعْبَةُ. وَهَذَا يَقْتَضِي عَدَمَ الِاحْتِجَاجِ بِهِ.
وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (وَهُوَ) أَيِ الْحَسَنُ لِذَاتِهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَكَذَا لِغَيْرِهِ كَمَا اقْتَضَاهُ النَّظْمُ (بِأَقْسَامِ الصَّحِيحِ مُلْحَقٌ حُجِّيَّةً) أَيْ: فِي الِاحْتِجَاجِ (وَإِنْ يَكُنْ) كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ ابْنُ الصَّلَاحِ (لَا يَلْحَقُ) الصَّحِيحَ فِي الرُّتْبَةِ: [إِمَّا لِضَعْفِ رَاوِيهِ، أَوِ انْحِطَاطِ ضَبْطِهِ، بَلِ الْمُنْحَطُّ لَا يُنْكِرُ مُدْرِجُهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ دُونَهُ.
وَكَذَا قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ ; فَهَذَا اخْتِلَافٌ إِذَنْ فِي الْعِبَارَةِ دُونَ الْمَعْنَى، ثُمَّ إِنَّ مَا اقْتَضَاهُ النَّظْمُ يُمْكِنُ التَّمَسُّكُ لَهُ بِظَاهِرِ قَوْلِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ مُتَّصِلًا بِتَعْرِيفِهِ، وَيَصْلُحُ لِلْعَمَلِ بِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ، لَكِنْ فِيمَا تَكْثُرُ طُرُقُهُ] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute