للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِحَدِيثِ «النَّهْيِ أَنْ يَتَزَعْفَرَ الرَّجُلُ» بِلَفْظِ: «نَهَى عَنِ التَّزَعْفُرِ» . الدَّالِّ عَلَى الْعُمُومِ حَيْثُ لَمْ يَفْطِنْ لِمَا فَطِنَ لَهُ إِسْمَاعِيلُ الَّذِي رِوَايَةُ شُعْبَةَ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ، مِنَ اخْتِصَاصِ النَّهْيِ بِالرِّجَالِ.

(وَأَمَّا غَيْرُهُ) مِمَّنْ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَيُحَقِّقُهُ فَاخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ وَأَصْحَابُ الْحَدِيثِ وَأَرْبَابُ الْفِقْهِ وَالْأُصُولِ.

(فَالْمُعْظَمُ) مِنْهُمْ (أَجَازَ) لَهُ الرِّوَايَةَ (بِالْمَعْنَى) إِذَا كَانَ قَاطِعًا بِأَنَّهُ أَدَّى مَعْنَى اللَّفْظِ الَّذِي بَلَغَهُ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْمَرْفُوعُ أَوْ غَيْرُهُ، كَانَ مُوجِبُهُ الْعِلْمَ أَوِ الْعَمَلَ، وَقَعَ مِنَ الصَّحَابِيِّ أَوِ التَّابِعِيِّ أَوْ غَيْرِهِمَا، حَفِظَ اللَّفْظَ أَمْ لَا، صَدَرَ فِي الْإِفْتَاءِ وَالْمُنَاظَرَةِ أَوِ الرِّوَايَةِ، أَتَى بِلَفْظٍ مُرَادِفٍ لَهُ أَمْ لَا، كَانَ مَعْنَاهُ غَامِضًا أَوْ ظَاهِرًا، حَيْثُ لَمْ يَحْتَمِلِ اللَّفْظُ غَيْرَ ذَاكَ الْمَعْنَى وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ إِرَادَةُ الشَّارِعِ بِهَذَا اللَّفْظِ مَا هُوَ مَوْضُوعٌ لَهُ دُونَ التَّجَوُّزِ فِيهِ وَالِاسْتِعَارَةِ.

وَجَاءَ الْجَوَازُ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَعَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ قَالَ: لَقِيتُ أُنَاسًا مِنَ الصَّحَابَةِ فَاجْتَمَعُوا فِي الْمَعْنَى وَاخْتَلَفُوا عَلَيَّ فِي اللَّفْظِ، فَقُلْتُ ذَلِكَ لِبَعْضِهِمْ فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يُحِلْ مَعْنَاهُ. حَكَاهُ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ حُذَيْفَةُ: إِنَّا قَوْمٌ عَرَبٌ، نُورِدُ الْأَحَادِيثَ فَنُقَدِّمُ وَنُؤَخِّرُ. وَقَالَ ابْنُ سِيرِينَ: كُنْتُ أَسْمَعُ الْحَدِيثَ مِنْ عَشَرَةٍ، الْمَعْنَى وَاحِدٌ وَاللَّفْظُ مُخْتَلِفٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>