وَأَيْضًا فَالِاتِّفَاقُ حَاصِلٌ عَلَى وُرُودِ الشَّرْعِ بِأَشْيَاءَ قَصَدَ فِيهَا الْإِتْيَانَ بِاللَّفْظِ وَالْمَعْنَى جَمِيعًا، نَحْوَ التَّكْبِيرِ وَالتَّشَهُّدِ وَالْأَذَانِ وَالشَّهَادَةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ بِالْحَدِيثِ لَفْظَهُ وَمَعْنَاهُ جَمِيعًا، لَا سِيَّمَا وَقَدْ ثَبَتَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَءًا سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَأَدَّاهُ كَمَا سَمِعَهُ» ) . «وَرَدُّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الَّذِي عَلَّمَهُ مَا يَقُولُهُ عِنْدَ أَخْذِ مَضْجَعِهِ إِذْ قَالَ: وَ " رَسُولِكَ " بِقَوْلِهِ: " لَا، وَنَبِيِّكَ» . قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا الْمَذْهَبُ هُوَ الْوَاقِعَ، وَلَكِنْ لَمْ يَتِّفِقْ ذَلِكَ. انْتَهَى.
وَمِمَّنِ اعْتَمَدَهُ مُسْلِمٌ، فَإِنَّهُ فِي (صَحِيحِهِ) يُمَيِّزُ اخْتِلَافَ الرُّوَاةِ حَتَّى فِي حَرْفٍ مِنَ الْمَتْنِ، وَرُبَّمَا كَانَ بَعْضُهُ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ مَعْنًى، وَرُبَّمَا كَانَ فِي بَعْضِهِ اخْتِلَافٌ فِي الْمَعْنَى، وَلَكِنَّهُ خَفِيٌّ لَا يَتَفَطَّنُ لَهُ إِلَّا مَنْ هُوَ فِي الْعِلْمِ بِمَكَانٍ، بِخِلَافِ الْبُخَارِيِّ، وَكَذَا سَلَكَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَسَبَقَهُمَا لِذَلِكَ شَيْخُهُمَا أَحْمَدُ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ عِنْدَهُ: ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ وَعَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ الْمُهَلَّبِيُّ قَالَا: أَنَا هِشَامٌ - قَالَ عَبَّادٌ: ابْنُ زِيَادٍ - عَنْ أَبِيهِ، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَبِيهَا الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا: ( «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ وَإِنْ طَالَ عَهْدُهَا) . قَالَ عَبَّادٌ: (وَإِنْ قَدُمَ عَهْدُهَا» ) .
وَرُبَّمَا نَشَأَ عَنْ نِسْبَةِ مَا يَزِيدُهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ مِنَ الْأَنْسَابِ إِثْبَاتُ رَاوٍ لَا وُجُودَ لَهُ كَمَا سَأَذْكُرُهُ فِي سَابِعِ الْفُصُولِ.
وَمِنْ أَمْثِلَتِهِ فِي " أَبِي دَاوُدَ " سَاقَ فِي الْأَذَانِ حَدِيثًا عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى بِلَفْظِ: ( «وَلَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ» ) . فَقَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: (أَنْ يَقُولُوا) . وَبِلَفْظِ: ( «لَقَدْ أَرَاكَ اللَّهُ خَيْرًا» ) فَقَالَ: وَلَمْ يَقُلْ عَمْرٌو: (لَقَدْ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute