أَخْبَرَنِي فُلَانٌ أَوْ فُلَانٌ. فَإِنَّهُ إِنْ كَانَا ثِقَتَيْنِ فَالْحُجَّةُ بِهِ قَائِمَةٌ ; لِأَنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ ثِقَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا غَيْرَ ثِقَةٍ، وَهُوَ نَحْوُ الصُّورَةِ الْأُولَى، لَا يَكُونُ الْخَبَرُ حُجَّةً، لِاحْتِمَالِ اخْتِصَاصِهِ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَبَرِ عَنِ الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنَ الْمُحْتِرَيْ خِلَافَهُ كَمَا قُرِّرَ.
[كَيْفَ يُرْوَى الْحَدِيثُ إِذَا كَانَ مُنْتَهٍ عَنْ جَمَاعَةٍ مُلَفَّقًا] :
ثُمَّ إِنَّ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا يَكُونُ جَمِيعُ الْمَتْنِ عَنْهُمَا، (وَإِنْ يَكُنْ) مَجْمُوعُهُ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الرُّوَاةِ مُلَفَّقًا بِأَنْ كَانَ (عَنْ كُلِّ رَاوٍ) مِنْهُمْ (قِطْعَهْ) مِنْهُ، فَـ (أَجِزْ بِلَا مَيْزٍ) أَيْ: تَمْيِيزٍ لِمَا عِنْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْهُ أَيْضًا (بِخَلْطِ جَمْعَهْ) لَكِنْ (مَعَ الْبَيَانِ) لِذَلِكَ إِجْمَالًا، وَأَنَّ عَنْ كُلِّ رَاوٍ بَعْضَهُ. (كَحَدِيثِ الْإِفْكِ) فَإِنَّهُ فِي الصَّحِيحِ مِنْ رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَعَلْقَمَةَ بْنَ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيِّ، وَعُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ عَائِشَةَ.
قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكُلُّهُمْ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا، وَبَعْضُهُمْ أَوَعَى مِنْ بَعْضٍ وِأَثْبَتُهُ اقْتِصَاصًا. وَفِي لَفْظٍ: وَبَعْضُ الْقَوْمِ أَحْسَنُ سِيَاقًا، وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ الْحَدِيثَ الَّذِي حَدَّثَنِي عَنْ عَائِشَةَ، وَبَعْضُ حَدِيثِهِ يُصَدِّقُ بَعْضًا، زَعَمُوا أَنَّ عَائِشَةَ. وَسَاقَهُ بِطُولِهِ، وَلَفْظُ ابْنِ إِسْحَاقَ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَكُلٌّ حَدَّثَنِي بَعْضَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَقَدْ جَمَعْتُ لَكَ الَّذِي حَدَّثُونِي.
وَلَمَّا ضَمَّ ابْنُ إِسْحَاقَ إِلَى رِوَايَةِ الزُّهْرِيِّ عَنِ الْأَرْبَعَةِ رِوَايَتَهُ هُوَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ أَبِيهِ كِلَاهُمَا، عَنْ عَائِشَةَ قَالَ: وَكُلُّ حَدِيثِ هَؤُلَاءِ جَمِيعًا يُحَدِّثُ بَعْضُهُمْ مَا لَمْ يُحَدِّثْ صَاحِبُهُ، وَكُلٌّ كَانَ ثِقَةً، فَكُلٌّ حَدَّثَ عَنْهَا مَا سَمِعَ. وَذَكَرَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute