عَنْهُ قِيَامًا، فَأَجْلَلْتُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَكْتُبَهُ وَأَنَا قَائِمٌ.
وَاتَّفَقَ لَهُ مَعَ أَبِي حَازِمٍ أَيْضًا نَحْوَهُ، وَكَذَا صَرَّحَ الْخَطِيبُ بِالْكَرَاهَةِ فَقَالَ: يُكْرَهُ التَّحْدِيثُ فِي حَالَتَيِ الْمَشْيِ وَالْقِيَامِ حَتَّى يَجْلِسَ الرَّاوِي وَالسَّامِعُ مَعًا وَيَسْتَوْطِنَا، فَذَلِكَ أَحَضَرُ لِلْقَلْبِ، وَأَجْمَعُ لِلْفَهْمِ، وَلِكُلِّ مَقَامٍ مَقَالٌ، وَلِلْحَدِيثِ مَوَاضِعُ مَخْصُوصَةٌ شَرِيفَةٌ دُونَ الطُّرُقَاتِ وَالْأَمَاكِنِ الدَّنِيَّةِ. قَالَ: وَهَكَذَا يُكْرَهُ التَّحْدِيثُ مُضْطَجِعًا.
وَحَكَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَحِينَ يَكُونُ مَغْمُومًا أَوْ مَشْغُولًا، قَالَ: وَلَوْ حَدَّثَ مُحَدِّثٌ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ كُلِّهَا لَمْ يَكُنْ مَأْثُومًا، وَلَا فَعَلَ أَمْرًا مَحْظُورًا، وَأَجَلُّ الْكُتُبِ كِتَابُ اللَّهِ، وَقِرَاءَتُهُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ جَائِزَةٌ، فَالْحَدِيثُ فِيهَا بِالْجَوَازِ أَوْلَى.
قُلْتُ: وَقَدْ فَعَلَهُ فِيهِمَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَبَالَغَ بَعْضُ الْمُتَسَاهِلِينَ فَكَانَ يَقْرَأُ عَلَيْهِ الْمَاشِي حَالَ كَوْنِهِ رَاكِبًا، وَذَلِكَ قَبِيحٌ مِنْهُمَا.
[السِّنُّ الَّذِي يُسْتَحَبُّ فِيهِ التَّصَدُّرِ لِرِوَايَةِ الْحَدِيثِ] :
(ثُمَّ) بَعْدَ تَحَرِّيكَ فِي تَصْحِيحِ النِّيَّةِ وَاسْتِحْضَارِكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ التَّقَيُّدِ فِي الطَّلَبِ بِسِنٍّ مَخْصُوصٍ، وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ الْفَهْمُ، فَلَا تَقَيُّدَ فِي الْأَدَاءِ أَيْضًا بِسِنٍّ، بَلْ (حَيْثُ احْتِيجَ لَكَ فِي شَيْءٍ) وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ، فَلَعَلَّكَ تَكُونُ فِي بِلَادٍ مَشْهُورَةٍ كَثِيرَةِ الْعُلَمَاءِ لَا يَحْتَاجُ النَّاسُ فِيهَا إِلَى مَا عِنْدَكَ، وَلَوْ كُنْتَ فِي بِلَادٍ مَهْجُورَةٍ احْتِيجَ إِلَيْكَ فِيهِ ; فَحِينَئِذٍ (ارْوِهْ) وُجُوبًا حَسْبَمَا صَرَّحَ بِهِ الْخَطِيبُ فِي (جَامِعِهِ) فَقَالَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute