الْعُلُوِّ شُمُولُ أَقَلِّ دَرَجَاتِهِ، وَبِذَلِكَ لَا يَحْصُلُ تَمْيِيزُ الْمُتَنَاهِي.
قَالَ: وَكَذَا إِذَا كَانَ رَاوِيهِ غَايَةً فِي الثِّقَةِ وَالْعَدَالَةِ، أَوْ مِنْ أَهْلِ الْفِقْهِ وَالْفُتْيَا، أَوْ كَانَ الْحَدِيثُ مِنْ عُيُونِ السُّنَنِ وَأُصُولِ الْأَحْكَامِ، وَصَفَهُ بِذَلِكَ، وَيُعَيِّنُ تَارِيخَ السَّمَاعِ الْقَدِيمِ، وَتَفَرُّدَهُ بِذَاكَ الْحَدِيثِ، وَكَوْنَهُ لَا يُوجَدُ إِلَّا عِنْدَهُ، إِنْ كَانَ كَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ مَعْلُولًا بَيَّنَ عِلَّتَهُ، أَوْ فِي إِسْنَادِهِ اسْمٌ يُشَاكِلُ غَيْرَهُ فِي الصُّورَةِ، ضَبَطَهُ بِالْحُرُوفِ لِيَزُولَ الْإِلْبَاسُ.
(وَلَا تَزِدْ عَنْ كُلِّ شَيْخٍ) مِنْ شُيُوخِكَ (فَوْقَ مَتْنٍ) وَاحِدٍ فَإِنَّهُ أَعَمُّ لِلْفَائِدَةِ وَأَكْثَرُ لِلْمَنْفَعَةِ.
[اعْتِمَادُ عَالِي الْإِسْنَادِ وَاجْتِنَابُ الْمُشْكِلُ] : (وَاعْتَمِدْ) فِيمَا تَرْوِيهِ (عَالِيَ إِسْنَادٍ) لِمَا فِي الْعُلُوِّ مِنَ الْفَضْلِ، وَكَذَا اعْتَمِدْ (قَصِيرَ مَتْنٍ) لِمَزِيدِ الْفَائِدَةِ فِيهِ، يَعْنِي بِالنَّظَرِ إِلَى الْأَحْكَامِ وَنَحْوِهَا، حَتَّى قَالَ أَبُو عَاصِمٍ: الْأَحَادِيثُ الْقِصَارُ هِيَ اللُّؤْلُؤُ. بِخِلَافِ الطَّوِيلِ غَالِبًا.
وَقَدْ قَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ: قَالَ لَنَا عِكْرِمَةُ: أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَشْيَاءَ قِصَارٍ حَدَّثَنَا بِهَا أَبُو هُرَيْرَةَ: ( «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الشُّرْبِ مِنْ فَمِ الْقِرْبَةِ أَوِ السِّقَاءِ، وَأَنْ يَمْنَعَ جَارَهُ أَنْ يَغْرِزَ خَشَبَهُ فِي دَارِهِ» ) . إِلَّا أَنْ يَكُونَ يَشْتَمِلُ عَلَى جُمَلٍ مِنَ الْأَحْكَامِ فَيُنْزِلَ كُلَّ جُمْلَةٍ مِنْهَا مَنْزِلَةَ حَدِيثٍ وَاحِدٍ. قَالَ عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ:
وَظِيفَتُنَا مِائَةٌ لِلْغَرِيبِ ... فِي كُلِّ يَوْمٍ سِوَى مَا يُعَادُ
شَرِيكِيَّةٌ أَوْ هُشَيْمِيَّةٌ ... أَحَادِيثُ فِقْهٍ قِصَارٌ جِيَادُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute