وَكَانَ عَلِيٌّ قَدِ انْفَرَدَ بِشَرِيكٍ وَهُشَيْمٍ.
(وَاجْتَنِبِ) فِي إِمْلَاءِكَ (الْمُشْكِلَ) مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي لَا تَحْتَمِلُهُ عُقُولُ الْعَوَامِّ، كَأَحَادِيثِ الصِّفَاتِ الَّتِي ظَاهِرُهَا يَقْتَضِي التَّشْبِيهَ وَالتَّجْسِيمَ وَإِثْبَاتَ الْجَوَارِحِ وَالْأَعْضَاءِ لِلْأَزَلِيِّ الْقَدِيمِ (١) ، وَإِنْ كَانَتِ الْأَحَادِيثُ فِي نَفْسِهَا صِحَاحًا، وَلَهَا فِي التَّأْوِيلِ طُرُقٌ وَوُجُوهٌ، إِلَّا أَنَّ مِنْ حَقِّهَا أَلَّا تُرْوَى إِلَّا لِأَهْلِهَا.
(خَوْفَ الْفَتْنِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ التَّاءِ مَصْدَرُ: فَتَنَ، أَيِ ; الِافْتِتَانِ وَالضَّلَالِ، فَإِنَّهُ لِجَهْلِ مَعَانِيهَا يَحْمِلُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا أَوْ يَسْتَنْكِرُهَا فَيَرُدُّهَا وَيُكَذِّبُ رُوَاتِهَا وَنَقَلَتَهَا.
وَقَدْ صَحَّ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» ) . وَقَوْلُ عَلِيٍّ: (حَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا يَعْرِفُونَ، وَدَعُوا مَا يُنْكِرُونَ، أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟) .
وَقَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ: (إِنَّ الرَّجُلَ لَيُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ فَيَسْمَعُهُ مَنْ لَا يَبْلُغُ عَقْلُهُ فَهْمَ ذَلِكَ الْحَدِيثِ فَيَكُونُ عَلَيْهِ فِتْنَةً) .
وَقَوْلُ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ: (لَا تُحَدِّثُوا النَّاسَ بِمَا لَا يَعْلَمُونَ فَتَضُرُّوهُمْ) .
وَقَوْلُ مَالِكٍ: (شَرُّ الْعِلْمِ الْغَرِيبُ، وَخَيْرُ الْعِلْمِ الْمَعْرُوفُ الْمُسْتَقِيمُ) .
وَكَذَا قَالَ الْخَطِيبُ: (إِنَّ مِمَّا رَأَى الْعُلَمَاءُ أَنَّ الصُّدُوفَ عَنْ رِوَايَتِهِ لِلْعَوَامِّ أَوْلَى أَحَادِيثِ الرُّخَصِ، وَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالْفُرُوعِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا دُونَ الْأُصُولِ، كَحَدِيثِ الرُّخْصَةِ فِي النَّبِيذِ) . ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ إِطْرَاحَ أَحَادِيثِ بَنِي إِسْرَائِيلَ الْمَأْثُورَةِ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَمَا نُقِلَ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَاجِبٌ، وَالصُّدُوفَ عَنْهُ لَازِمٌ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute