وَأَمَّا مَا حُفِظَ مِنْ أَخْبَارِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَعُلَمَاءِ السَّلَفِ، فَإِنَّ رِوَايَتَهُ تَجُوزُ، وَنَقْلَهُ غَيْرُ مَحْظُورٍ.
ثُمَّ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ مَعْنَى حَدِيثِ: ( «حَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ» ) أَيْ لَا بَأْسَ أَنْ تُحَدِّثُوا عَنْهُمْ بِمَا سَمِعْتُمْ، وَإِنِ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، مِثْلُ مَا رُوِيَ أَنَّ ثِيَابَهُمْ تَطُولُ، وَالنَّارُ الَّتِي تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ فَتَأْكُلُ الْقُرْبَانَ. انْتَهَى.
لَكِنْ قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّ قَوْلَهُ: (وَلَا حَرَجَ) فِي مَوْضِعِ الْحَالِ ; أَيْ: حَدِّثُوا عَنْهُمْ حَالَ كَوْنِهِ لَا حَرَجَ فِي التَّحْدِيثِ عَنْهُمْ بِمَا حُفِظَ مِنْ أَخْبَارِهِمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَعْنِي: وَعَنْ صَحَابَتِهِ وَالْعُلَمَاءِ، كَمَا قَالَهُ الْخَطِيبُ ; فَإِنَّ رِوَايَتَهُ تَجُوزُ، انْتَهَى.
وَقَدْ بَيَّنْتُ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي كِتَابِي (الْأَصْلِ الْأصَيْلِ فِي تَحْرِيمِ النَّقْلِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ) .
وَكَذَا قَالَ الْخَطِيبُ: وَلْيَجْتَنِبْ مَا شَجَرَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ، وَيُمْسِكْ عَنْ ذِكْرِ الْحَوَادِثِ الَّتِي كَانَ فِيهِمْ ; لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي أَوْرَدَهُ فِي كِتَابِهِ فِي (الْقَوْلِ فِي عِلْمِ النُّجُومِ) ، رَفَعَهُ: (إِذَا ذُكِرَ أَصْحَابِي فَأَمْسِكُوا) . وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا، وَكِلَاهُمَا لَا يَصِحُّ.
وَقَدْ قَالَ زَيْدٌ الْعَمِّيُّ: أَدْرَكْتُ أَرْبَعِينَ شَيْخًا مِنَ التَّابِعِينَ، كُلُّهُمْ يُحَدِّثُونَا عَنِ الصَّحَابَةِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( «مَنْ أَحَبَّ جَمِيعَ أَصْحَابِي وَتَوَلَّاهُمْ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute