للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ لَمْ يَسْتَذْكِرْ مِنْهُ بِذَلِكَ الْعَرْضِ شَيْئًا ; لِيَتَوَاضَعَ النَّاسُ، وَلَا يَسْتَنْكِفَ الْكَبِيرُ أَنْ يَأْخُذَ الْعِلْمَ عَمَّنْ هُوَ دُونَهُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ تَرْغِيبِ الصَّغِيرِ فِي الِازْدِيَادِ إِذَا رَأَى الْكَبِيرَ يَأْخُذُ عَنْهُ، كَمَا يُحْكَى أَنَّ بَعْضَهُمْ سَمِعَ صَبِيًّا فِي مَجْلِسِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ يَذْكُرُ شَيْئًا، فَطَلَبَ الْقَلَمَ وَكَتَبَهُ عَنْهُ، فَلَمْا فَارَقَهُ قَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لِأَعْلَمُ بِهِ مِنْهُ، وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ أُذِيقَهُ حَلَاوَةَ رِيَاسَةِ الْعِلْمِ ; لِيَبْعَثَهُ عَلَى الِاسْتِكْثَارِ.

وَوَقَفَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْبَاقِي الْأَنْصَارِيُّ عَلَى جُزْءٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْفَضْلِ الْخُزَاعِيِّ فِيهِ حِكَايَاتٌ مَلِيحَةٌ مِمَّا قَرَأَهُ أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ أَحَدُ تَلَامِذَتِهِ بِالْكُوفَةِ عَلَى الشَّرِيفِ عُمَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْحَسَنِيِّ بِإِجَازَتِهِ مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَلَوِيِّ، فَكَتَبَهُ بِخَطِّهِ ثُمَّ أَمَرَهُ بِإِسْمَاعِهِ لَهُ، فَقَالَ لَهُ: كَيْفَ هَذَا يَا سَيِّدِي وَأَنَا أَفْتَخِرُ بِالسَّمَاعِ مِنْكَ؟ فَقَالَ لَهُ: ذَاكَ بِحَالَةٍ.

قَالَ أَبُو سَعْدٍ: فَقَرَأْتُهُ وَسَمِعَهُ الْقَاضِي مِنِّي مَعَ جَمَاعَةٍ، وَأَمَرَ بِكِتَابَةِ اسْمِهِ فَفَعَلُوا، وَكَتَبَ هُوَ بِخَطِّهِ أَوَّلَ الْجُزْءِ: ثَنَا أَبُو سَعْدٍ السَّمْعَانِيُّ.

وَلَا تَأْنَفْ مِنْ تَحْدِيثِكَ عَمَّنْ دُونَكَ، فَقَدَ رُوِّينَا فِي (الْوَصِيَّةِ) لِأَبِي الْقَاسِمِ بْنِ مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ خَارِجَةَ بْنَ مُصْعَبٍ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ سَمِعَ حَدِيثَ مَنْ هُوَ دُونَهُ فَلَمْ يَرْوِهِ فَهُوَ مُرَاءٍ، لَا سِيَّمَا وَقَدْ فَعَلَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. وَفِي رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ وَالْآبَاءِ عَنِ الْأَبْنَاءِ وَالْأَقْرَانِ لِذَلِكَ أَمْثِلَةٌ كَثِيرَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>