للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَوَسَّطَ جَمَاعَةٌ فَرَوَوْا عَمَّنْ دُونَهُمْ مَعَ تَغْطِيَتِهِمْ بِنَوْعٍ مِنَ التَّدْلِيسِ، بِحَيْثُ لَا يُمَيِّزُهُمْ إِلَّا الْحَاذِقُ.

[غَرَضُ الأخْذِ الْفَائِدَةُ لَا كَثْرَةَ الشُّيُوخِ] وَلْتَكُنَ الْفَائِدَةُ قَصْدَكَ (لَا كَثْرَةَ الشُّيُوخِ) حَالَ كَوْنِهَا (صِيتًا عَاطِلًا) مِنَ الْفَائِدَةِ، بِحَيْثُ تَكُونُ كَمَنْ حَكَى عَنْهُ الْخَطِيبُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: ضَيِّعْ وَرَقَةً، وَلَا تُضَيِّعَنَّ شَيْخًا. وَهِيَ الطَّرِيقَةُ الَّتِي سَلَكَهَا جُلُّ أَصْحَابِنَا مِنْ طَلَبَةِ شَيْخِنَا فَضْلًا عَمَّنْ دُونَهُمْ ; فَإِنَّهُمُ اعْتَنَوْا بِالتَّكْثِيرِ مِنَ الشُّيُوخِ بِحَيْثُ يَقُولُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ: أَخَذْتُ عَنْ سِتِّمِائَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ، دُونَ التَّكْثِيرِ مِنَ الْمَسْمُوعِ، حَتَّى إِنَّهُ يُفَوِّتُ بَعْضَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ أُصُولِ الْإِسْلَامِ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهَا، هَذَا مَعَ تَصْرِيحِ شَيْخِنَا بِأَنَّ عَكْسَهُ أَوْلَى.

وَقَدْ قَالَ أَبُو الْوَلِيدِ: كَتَبْتُ عَنْ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ سِتَّةَ آلَافِ حَدِيثٍ هِيَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ سِتَّةِ آلَافِ دِينَارٍ.

وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ ابْنِ الصَّلَاحِ: وَلَيْسَ بِمُوَفَّقٍ مَنْ ضَيَّعَ شَيْئًا مِنْ وَقْتِهِ فِي الِاسْتِكْثَارِ لِمُجَرَّدِ الْكَثْرَةِ وَصِيتِهَا، عَلَى احْتِمَالِ كَلَامِهِ أَيْضًا غَيْرَ هَذَا، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَصْدُ الْمُحَدِّثِ تَكْثِيرَ طُرُقِ الْحَدِيثِ، وَجَمْعَ أَطْرَافِهِ، فَيَكْثُرُ شُيُوخُهُ لِذَلِكَ، فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ.

وَمِنْ هُنَا وُصِفَ بِالْإِكْثَارِ مِنَ الشُّيُوخِ خَلْقٌ مِنَ الْحُفَّاظِ ; كَالثَّوْرِيِّ، وَابْنِ الْمُبَارَكِ، وَأَبِي دَاوُدَ الطَّيَالِسِيِّ، وَيُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>