الصُّورِيُّ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ الْغَنِيِّ بْنِ سَعِيدٍ الْحَافِظَ فِي الْمَنَامِ فِي سَنَةِ إِحْدَى عَشَرَةٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، فَقَالَ لِي: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، خَرِّجْ وَصَنِّفْ قَبْلَ أَنْ يُحَالَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ، هَذَا أَنَا تَرَانِي قَدْ حِيلَ بَيْنِي وَبَيْنَ ذَلِكَ، ثُمَّ انْتَبَهْتُ.
وَسَاقَ قَبْلَ يَسِيرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُعْتَزِّ أَنَّهُ قَالَ: عِلْمُ الْإِنْسَانِ وَلَدُهُ الْمُخَلَّدُ. وَعَنْ أَبِي الْفَتْحِ الْبَسْتِيِّ الشَّاعِرِ أَنَّهُ أَنْشَدَ مِنْ نَظْمِهِ:
يَقُولُونَ: ذِكْرُ الْمَرْءِ يَبْقَى بِنَسْلِهِ ... وَلَيْسَ لَهُ ذِكْرٌ إِذَا لَمْ يَكُنْ نَسْلُ فَقُلْتُ لَهُمْ: نَسْلِي بَدَائِعُ حِكْمَتِي
فَمَنْ
سَرَّهُ نَسْلٌ فَإِنَّا بِذَا نَسَلُوا
وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» ) .
[التَّصْنِيفُ عَلَى الْأَبْوَابِ وَالْمَسَانِيدِ] :
(وَهْوَ) التَّأْلِيفُ الْأَعَمُّ (فِي التَّصْنِيفِ) فِي الْحَدِيثِ (طَرِيقَتَانِ) مَأْلُوفَتَانِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ:
الْأُولَى: (جَمْعُهُ) ; أَيِ: التَّصْنِيفِ بِالسَّنَدِ، (أَبْوَابَا) ; أَيْ: عَلَى الْأَبْوَابِ الْفِقْهِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَتَنْوِيعُهُ أَنْوَاعًا، وَجَمْعُ مَا وَرَدَ فِي كُلِّ حُكْمٍ وَكُلِّ نَوْعٍ إِثْبَاتًا وَنَفْيًا فِي بَابٍ فَبَابٍ، بِحَيْثُ يَتَمَيَّزُ مَا يَدْخُلُ فِي الْجِهَادِ مَثَلًا عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالصِّيَامِ.
وَأَهْلُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْهُمْ مَنْ يَتَقَيَّدُ بِالصَّحِيحِ ; كَالشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَتَقَيَّدْ بِذَلِكَ ; كَبَاقِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا ذُكِرَ قَرِيبًا، وَمَا لَا يَنْحَصِرُ كَالِاقْتِصَارِ عَلَى الْأَحَادِيثِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلتَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute