وَرُبَّمَا لَمْ يُذْكَرِ الْإِسْنَادُ وَاقْتُصِرَ عَلَى الْمَتْنِ فَقَطْ ; كَـ (الْمَصَابِيحِ) لِلْبَغَوِيِّ، ثُمَّ (الْمِشْكَاةِ) ، وَزَادَ عَلَى الْأَوَّلِ عَزْوَ الْمَتْنِ، وَهُمَا نَافِعَانِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ الْمُقَصِّرِ أَهْلُهَا، ثُمَّ مِنَ الْمُبَوِّبِينَ مَنْ يَقْتَصِرُ عَلَى بَابٍ وَاحِدٍ أَوْ مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا سَيَأْتِي قَرِيبًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَحْكُمُ عَلَى الْحَدِيثِ صَرِيحًا ; كَالتِّرْمِذِيِّ أَوْ إِجْمَالًا كَأَبِي دَاوُدَ.
(أَوْ) جَمْعُهُ (مُسْنَدًا) ; أَيْ: عَلَى الْمَسَانِيدِ، (تُفْرِدُهُ صِحَابَا) ; أَيْ: لِلصَّحَابَةِ وَاحِدًا فَوَاحِدًا، وَإِنِ اخْتَلَفَ أَنْوَاعُ أَحَادِيثِهِ، وَذَلِكَ كَـ (مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ) وَغَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ قَرِيبًا، وَكَذَا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ ; كَـ (مُسْنَدِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى الْعَبْسِيِّ) ، وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهُوَيْهِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ شَيْبَةَ، وَأَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ، وَأَبِي خَيْثَمَةَ، وَأَحْمَدَ بْنِ سِنَانٍ، وَالْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، وَأَبِي بَكْرٍ الْبَزَّارِ، وَمَا يُوجَدُ مِنْ (مُسْنَدِ يَعْقُوبَ بْنِ شَيْبَةَ) ، وَالْمَوْجُودُ مِنْهُ - كَمَا سَيَأْتِي - الْقَلِيلُ، وَ (مُسْنَدِ إِسْمَاعِيلَ الْقَاضِي) ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَيُّوبَ الرَّازِيِّ، وَلَيْسَ هُوَ بِمَوْجُودٍ الْآنَ، وَنُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: (إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ مُسْنَدًا وَتَتَبَّعَهُ، وَأَسَدِ بْنِ مُوسَى، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ أَكْبَرَ مِنْ نُعَيْمٍ سِنًّا، وَأَقْدَمَ سَمَاعًا، فَيُحْتَمَلُ - كَمَا قَالَ الْخَطِيبُ - أَنْ يَكُونَ تَصْنِيفُ نُعَيْمٍ لَهُ فِي حَدَاثَتِهِ، وَتَصْنِيفُ أَسَدٍ بَعْدَهُ فِي كِبَرِهِ) . انْتَهَى.
وَلَوْلَا أَنَّ الْجَامِعَ لِـ (مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ) غَيْرُهُ بِحَسَبِ مَا وَقَعَ لَهُ بِخُصُوصِهِ مِنْ حَدِيثِهِ إِلَّا بِالنَّظَرِ لِجَمِيعِ مَا رَوَاهُ الطَّيَالِسِيُّ ; فَإِنَّهُ مُكْثِرٌ جِدًّا، لَكَانَ أَوَّلَ مُسْنَدٍ ; فَإِنَّ الطَّيَالِسِيَّ مُتَقَدِّمٌ عَلَى هَؤُلَاءِ. وَهَذِهِ هِيَ الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ، وَالْقَصْدُ مِنْهَا - كَمَا قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ - تَدْوِينُ الْحَدِيثِ مُطْلَقًا ; لِيُحْفَظَ لَفْظُهُ وَيُسْتَنْبَطَ مِنْهُ الْحُكْمُ، يَعْنِي فِي الْجُمْلَةِ.
وَأَهْلُهَا مِنْهُمْ مَنْ يُرَتِّبُ أَسْمَاءَ الصَّحَابَةِ عَلَى حُرُوفِ الْمُعْجَمِ بِأَنْ يَجْعَلَ أُبَيَّ بْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute